ويجب - هنا - الانتباه إلى عدة أمور، وهي:
1 - إن بعض المفسرين فهموا من عبارة إنا أوحينا إليك الكتاب كما أوحينا... إنها تهدف إلى بيان حقيقة من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهي أن جميع الخصائص التي وردت في الشرائع السماوية التي نزلت على الأنبياء قبله، جاءت مجتمعة في الشريعة التي أنزلها الله عليه، وإن كل خصلة اتصف بها عباد الله الصالحون هي موجودة فيه (صلى الله عليه وآله وسلم).
وقد أشارت بعض الروايات الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام) إلى هذا الموضوع أيضا فكان ما استلهمه المفسرون من هذه الآية نابعا أو مستندا على تلك الروايات (1).
2 - نقرأ في الآيات الأخيرة أن الزبور من الكتب السماوية أنزله الله على داود - ولا يتنافى هذا مع ما ورد من أن الأنبياء أولي العزم الذين نزلت عليهم كتب من الله هم خمسة أنبياء فقط، حيث إن الآيات القرآنية والروايات الإسلامية توضح أن الكتب السماوية التي نزلت على الأنبياء كانت على نوعين، هما:
النوع الأول: الكتب التي اشتملت على الأحكام التشريعية، حيث أن كل كتاب من هذه الكتب قد أعلن عن شريعة جديدة، وأن هذه الكتب السماوية هي خمسة فقط نزلت على خمسة أنبياء هم " أولوا العزم ".
النوع الثاني: الكتب التي لم تحتو على أحكام جديدة، بل كان فيها الحكم والنصائح والإرشادات والوصايا وأنواع الدعاء، وكتاب " الزبور " الذي نزل على داود (عليه السلام) من هذا النوع الثاني من الكتب السماوية - و " مزامير داود " أو " زبور داود " الذي ورد اسمه في " العهد القديم " دليل على هذا الأمر الذي أثبتناه، مع العلم أن كتاب " العهد القديم " لم يسلم من التحريف، كما لم تسلم كتب العهد الجديد والقديم الأخرى من التحريف أيضا، إلا أن ما يمكن قوله هو أن هذه