بإخلاص يوجب الفقر الشيطان يعدكم الفقر (1) ولهذا فإما أن يبخلوا ويمتنعوا عن الإنفاق والبذل (كما أشير إلى هذا في الآية السابقة) أو أنهم ينفقون إذا ضمن هذا الإنفاق مصالحهم الشخصية وعاد عليهم بفوائد شخصية (كما أشير إلى ذلك في الآية الحاضرة).
من هذه الآية يستفاد مدى ما للقرين السئ من الأثر في مصير الإنسان، ذلك الأثر الذي ربما يبلغ في آخر المطاف إلى السقوط الكامل.
كما يستفاد أن علاقة " المتكبرين " ب " الشيطان والأعمال الشيطانية " علاقة مستمرة ودائمة لا مؤقتة ولا مرحلية، ذلك لأنهم اختاروا الشيطان قرينا ورفيقا لأنفسهم.
وهنا يقول سبحانه وكأنه يتأسف على أحوال هذه الطائفة من الناس وماذا عليهم لو آمنوا بالله واليوم الآخر وأنفقوا مما رزقهم الله... أي شئ عليهم لو تركوا هذا السلوك وعادوا إلى جادة الصواب وأنفقوا مما رزقهم الله من الخير والنعمة في سبيل الله، بإخلاص لا رياء، وكسبوا بذلك رضا الله، وتعرضوا للطفه وعنايته، وأحرزوا سعادة الدنيا والآخرة؟
فلماذا لا يفكر هؤلاء ولا يعيدون النظر في سلوكهم؟ ولماذا ترى يتركون طريق الله الأنفع والأفضل ويختارون طريقا أخرى لا تنتج سوى الشقاء، ولا تنتهي بهم إلا إلى الضرر والخسران؟
وعلى كل حال فإن الله يعلم بأعمالهم ونواياهم ويجزيهم بما عملوا:
وكان الله بهم عليما.
والجدير بالانتباه أن الإنفاق في الآية السابقة التي كان الحديث فيها حول الإنفاق مراءاة نسب إلى الأموال " ينفقون أموالهم "، وفي هذه الآية نسب إلى مما رزقهم الله، وهذا التفاوت والاختلاف في التعبير يمكن أن يكون إشارة إلى