في الجوانب الطبيعة (التي لا هي ظالمة ولا هي مفروضة) إنما هي في الحقيقة مقتضى " الحكمة الربانية "، والعدل لا يمكنه بحال أن ينفصل عن الحكمة.
فعلى سبيل المثال إذا كانت خلايا الجسم البشري مخلوقة في شكل واحد كان ذلك بعيدا عن الحكمة كما أنه خال عن العدل الذي يعني وضع كل شئ في محله وموضعه المناسب، وكذلك إذا تشابه الناس في يوم من الأيام في التفكير أو تشابهوا في القابلية والموهبة لتهافت بنيان المجتمع برمته في ذلك اليوم.
إذن فما ورد في هذه الآية في مجال التفضيل والتفاوت في جبلة الرجل والمرأة وخلقتهما إنما هو في الواقع إشارة إلى هذا الموضوع، لأنه من البديهي إذا كان البشر جميعا رجالا، أو كانوا جميعا نساء لانقرض النوع البشري عاجلا، هذا مضافا إلى انتفاء قسم من ملاذ البشر المشروعة.
فإذا اعترض جماعة قائلين لماذا خلق البشر صنفين رجالا ونساء، وزعموا بأن هذا الأمر لا يتلاءم مع العدالة الإلهية. لم يكن هذا الاعتراض منطقيا، لأنهم لم يلتفتوا إلى حكمة هذا التفاوت، ولم يتدبروا فيها.
* * *