أن العفو والصفح يجب أن يكون في موضع بحيث لا يساء استغلاله، وإن الدعوة إلى مكافحة الظلم وقمع الظالم يكون له مجال آخر.
ويجدر توضيح أن العفو والصفح يكونان لدى تملك القدرة وعند الانتصار على العدو وهزيمته النهائية، أي في حال لا يحتمل فيها حصول أي خطر جديد من جانب العدو، ويكون العفو والصفح عنه سببا لإصلاحه واستقامته ودفعه إلى إعادة النظر في سلوكه، والتاريخ الإسلامي فيه أمثلة كثيرة في هذا المجال، والحديث المشهور القائل " إذا قدرت على عدوك فاجعل العفو عنه شكرا للقدرة عليه " (1) خير دليل على هذا القول.
أما في حالة وجود خطر من جانب العدو، واحتمال أن يؤدي العفو عنه إلى تجريه وتماديه أكثر في عدوانه، أو إذا اعتبر العفو استسلاما للظلم وخضوعا أمامه ورضي به، فإن الإسلام لا يجيز مطلقا مثل هذا العفو، وكما أن أئمة الإسلام لم ينتخبوا طريق العفو في مثل هذه المجالات.
* * *