المقصود من العدل هنا يا ترى؟
أهي العدالة في الجوانب المادية كالمضاجعة وتوفير وسائل العيش وتحقيق الرفاه والمتطلبات المعيشية؟ أم أن المراد أيضا هو العدالة في نطاق القلب والعواطف والأحاسيس الإنسانية؟ وبعبارة صريحة: العدالة في الحب والرغبة، مضافا إلى العدالة في الجوانب المادية؟
لا شك أن مراعاة العدالة في الميل القلبي، والحب، والرغبة شئ خارج عن نطاق القدرة البشرية.
فمن ذا يستطيع أن يضبط حبه من جميع الجوانب، ويعطيه الحجم الذي يريد، والحال أن موجباته وعوامله خارجة عن نطاق قدرته، وإطار إرادته؟
ولهذا لم يوجب سبحانه مراعاة مثل هذه العدالة حيث قال سبحانه في الآية 129 من نفس هذه السورة - النساء: ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم أي لا يمكنكم مهما أردتم أن تعدلوا بين الأزواج في الميل القلبي، والحب والمودة.
إذن فلا ضير في الحب والميل القلبي الذي لا يوجب تفضيل بعض الأزواج في المواقف العملية، وعلى هذا الأساس فإن ما يجب على الرجل مراعاته هو العدالة بين أزواجه في الجوانب العملية الخارجية أي في نوع التعامل العملي خاصة إذ يستحيل مثل هذه المراعاة في المجال العاطفي.
من هذا الكلام يتضح بجلاء إن الذين أرادوا من ضم قوله تعالى: وإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة إلى قوله تعالى في الآية (129): ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم أن يستنتجوا حرمة تعدد الأزواج مطلقا بحجة استحالة مراعاة العدالة بينهن قد وقعوا في خطأ كبير، لأن العدالة المستحيلة مراعاتها - كما أسلفنا - هي العدالة في المجال العاطفي، - وليس هذا من شرائط جواز التعدد في الأزواج، بل إن من شرائط جوازه هو مراعاة العدالة