العمد قابلة للتوبة؟!
لقد رد جمع من المفسرين بالنفي صريحا على هذا السؤال، وقالوا: أن هذه الجريمة التي ورد ذكرها في الآية موضوع البحث غير قابلة للتوبة مطلقا، حيث أشارت الروايات الواردة في هذا الأمر إلى ذلك، فقد صرحت الروايات بأن لا توبة لقاتل المؤمن عمدا.
ولكن الذي نستنتجه من روح التعاليم الإسلامية، وروايات الأئمة (عليهم السلام)، وغيرهم من علماء الدين الكبار، وكذلك من فلسفة التوبة القائمة على أساس التربية والوقاية من الوقوع في الذنوب والخطايا في مستقبل الفرد المسلم...
المستخلص من ذلك كله هو أنه لا يوجد ذنب غير قابل للتوبة، لكن التوبة من بعض الذنوب تكون مقيدة بشروط قاسية جدا يصعب بل يستحيل أحيانا على الفرد تحقيقها.
والدليل على هذا الأمر هو قول القرآن الكريم: إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء (1).
وقد قلنا في تفسير هذه الآية: إنها وردت في شأن العفو عن الذنوب بواسطة الشفاعة وما شاكل ذلك، ولكن المعروف أنه حتى الشرك - ذاته - يعتبر من الجرائم والذنوب القابلة للتوبة، إذا تخلى الإنسان عنه وعاد فآمن بالله الواحد الأحد وأسلم وجهه لله، كما حصل للجاهليين الذين تخلوا عن شركهم وقبلوا الإسلام وتابوا إلى الله فعفا عنهم وغفر لهم ذنوبهم السابقة.
ويتبين من هذا العرض الموجز أن كل الذنوب - حتى الشرك - قابلة للتوبة، وتؤكد على ذلك الآيتان (53 و 54) من سورة الزمر حيث يقول تعالى: إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له.
وقد ذكر بعض المفسرين أن الآيات التي تتحدث عن غفران جميع الذنوب