تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين (1) من الرجال والنساء والولدان....
ولأجل إثارة المشاعر أكثر، تنبه الآية المؤمنين بأن المستضعفين المذكورين لكثرة معاناتهم من البطش والإرهاب والاضطهاد قد انقطع أملهم في النجاة ويئسوا من كل عون خارجي، فأخذوا يدعون الله لإخراجهم من ذلك المحيط الرهيب المشحون بأنواع البطش والرعب والظلم الفاحش: الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها ويطلب المستضعفون من الله - أيضا - أن يرسل لهم من يتولى الدفاع عنهم وينجيهم من الظالمين بقولهم:
واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا.
الآية - في الواقع - نشير إلى أن الله قد استجاب دعاء المستضعفين، فهذه الرسالة الإنسانية الكبرى قد أوكلت إليكم أنتم أيها المسلمون المخاطبون، فقد أصبحتم أنتم " الولي " المرتقب وأنتم " النصير " من قبل الله تعالى لإنقاذ المستضعفين، من هنا عليكم أن تنهضوا بهذه المسؤولية وتستثمروا هذه المكانة الكبرى المناطة إليكم ولا تضيعوها.
والآية هذه يستفاد منها أيضا عدة أمور، هي:
1 - إن الجهاد في سبيل الله وكما أشير إليه من قبل - ليس من أجل انتزاع الأموال والسلطة والثروات من أيدي الأخرين، كما أنه لا يستهدف إيجاد أسواق لاستهلاك البضائع أو لفرض عقائد خاصة بالقوة، بل أنه يستهدف نشر الفضيلة والإيمان والدفاع عن المظلومين والمضطهدين من النساء والرجال والولدان، ومن هذا المنطلق يتضح أن للجهاد هدفين شاملين جامعين أشارت الآية إليهما، أحدهما " رباني "، وآخر " إنساني " يكمل أحدهما الآخر، ولا ينفصلان، بل