إلى حقوق الأقرباء في هذه الآية، فلابد أن يكون المراد هو القرب المكاني لا القرب النسبي، لأن الجيران الأقربين مكانا يستحقون احتراما وحقوقا أكثر من غيرهم، أو أن يكون المراد الجيران الأقربين إلى الإنسان من الناحية الدينية والاعتقادية.
3 7 - والجار الجنب ثم إنها توصي بالجيران البعيدين، والمراد - كما أسلفنا - هو البعد المكاني، لأن كل أربعين دارا من بين يديه وخلفه وعن يمينه وشماله تعتبر من الجيران، كما تصرح بعض الروايات (1)، وهذا يستوعب في المدن الصغيرة كل المدينة تقريبا (لأننا لو فرضنا دار كل شخص مركز دائرة يقع في امتداد شعاعها من كل صوب أربعون بيتا لاتضحت من خلال محاسبة بسيطة مساحة هذه الدائرة التي يكون مجموع البيوت الواقعة فيها ما يقرب من خمسة الآف بيت، ومن المسلم أن المدن الصغيرة قلما تتشكل من أكثر من هذا العدد من المنازل والبيوت.
والجدير بالتأمل أن القرآن يصرح - في هذه الآية - مضافا إلى ذكر الجيران القربين - بحق الجيران البعيدين، لأن لفظة الجار لها في العادة مفهوم محدود وضيق وتشمل الجيران القريبين فقط، ولهذا لم يكن بدا في نظر الإسلام أن يذكر بالجيران البعيدين أيضا.
كما يمكن أن يكون المراد من الجيران البعيدين الجيران غير المسلمين، لأن حق الجوار غير منحصر في نظر الإسلام بالجيران المسلمين، فهو يعم المسلمين وغير المسلمين (اللهم إلا الذين يحاربون المسلمين ويعادونهم).
إن لحق الجوار في الإسلام أهمية بالغة إلى درجة أننا نقرأ في وصايا الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) المعروفة: " ما زال (رسول الله) يوصي بهم حتى ظننا أنه