كيف تحكم فإن هذا حكم والله سائلك عنه يوم القيامة " (1).
إن هذين القانونين المهمين (حفظ الأمانة، والعدالة في الحكم والحكومة) يمثلان قاعدة المجتمع الإنساني السليم، ولا يستقيم أمر مجتمع، سواءا كان ماديا أو إلهيا من دون تنفيذ وإجراء هذين الأصلين.
فالأصل الأول يقول: إن الأموال والثروات والمناصب والمسؤوليات والمهام والرساميل الإنسانية والثقافات والتراث والمخلفات التاريخية، كلها أمانات إلهية سلمت بأيدي أشخاص مختلفين في المجتمع، والجميع مكلفون أن يحفظوا هذه الأمانات، ويجتهدوا في تسليمها إلى أصحابها الأصليين، ولا يخونوا فيها أبدا.
ومن جهة أخرى حيث إن الاجتماعات تلازم التصادمات والاحتكاكات في المصالح والمنافع، ولهذا يتطلب الحل والفصل على أساس من الحكومة العادلة والقضاء العادل حتى يزول وينمحي كل أنواع التمييز الظالم من الحياة الاجتماعية.
وكما أسلفنا فإن الأمانة لا تنحصر في الأموال التي يودعها الناس - بعضهم عند بعض - بل العلماء في المجتمع هم أيضا مستأمنون يجب عليهم أن لا يكتموا الحقائق، بل حتى أبناء الإنسان وأولاده أمانات إلهية لدى الآباء والأمهات فلا يفرطوا في تربيتهم، ولا يقصروا في تأديبهم وتعليمهم، وإلا كان ذلك خيانة في الأمانة الإلهية التي أمر الله بأدائها، بل وفوق ذلك كله الوجود الإنساني، فهو وجميع الطاقات المودوعة فيه " أمانات الله " التي يجب على الإنسان أن يجتهد في المحافظة عليها، كما عليه أن يحافظ على صحة جسمه وسلامة روحه، ويحافظ على طاقة الشباب الفياضة، وفكره، ولا يفرط فيها، ولهذا لا يجوز له أن ينتحر أو يلحق الضرر بنفسه، حتى أنه يستفاد من بعض الأحاديث والنصوص