الزمان بين المسلمين وبين غيرهم، ولم تكن بين المسلمين أنفسهم - حينذاك - عهود أو مواثيق، (وهنا يجب الإمعان والتدقيق كثيرا من الأمر).
وتستطرد الآية في بيان الحكم فتتطرق إلى أولئك النفر من المسلمين الذين يرتكبون القتل عن خطأ، ولا يسعهم - لفقرهم - دفع المال دية عن القتيل، كما لا يسعهم شراء عبد لتحرير رقبته غرامة عن ارتكابهم للقتل الخطأ، وتبين حكم هؤلاء، وتعلن أنهم يجب أن يصوموا شهرين متتابعين غرامة عن القتل الخطأ الذي ارتكبوه، بدلا من الدية وتحرير الرقبة، وقد اعتبرت ذلك نوعا من تخفيف الجزاء على الذين لا يطيقون الغرامة المالية وتوبة منهم إلى الله، علما أن جميع أنواع الغرامات التي ذكرت في الآية عن القتل الخطأ، إنما هي توبة وكفارة للذنب المرتكب في هذا المجال، والله يعلم بخفايا الأمور وقد أحاط علمه بكل شئ حيث تقول الآية: توبة من الله وكان الله عليما حكيما.
لقد وردت في الآية - موضوع البحث - أمور عديدة يجدر الانتباه إليها وهي:
1 - ذكرت الآية ثلاثة أنواع من التعويض عند حصول قتل عن خطأ، وكل نوع في حد ذاته تعويض عن الخسارة الناجمة عن هذا القتل.
فتحرير رقبة عبد مسلم يعتبر تعويضا عن خسارة اجتماعية ناتجة عن القتل الواقع على إنسان مسلم، إذ بعد أن خسر المجتمع فردا نافعا من أفراده بسبب وقوع القتل عليه، حصل على تعويض مماثل وذلك بدخول إنسان نافع آخر بين أفراده عن طريق التحرير.
وأما التعويض المادي " الدية " فهو مقابل الخسارة المادية اللاحقة بأهل القتيل نتيجة فقدهم إياه، والحقيقة أن الدية ليست ثمنا لدم القتيل المسلم البرئ، لأن دمه لا تعادله قيمة، بل هي - وكما أسلفنا - نوع من التعويض عن خسارة مادية لاحقة بذوي القتيل بسبب فقدانه.
وأما الخيار الثالث الوارد في حالة تعذر تقديم التعويض المادي، فيتمثل في