سؤال:
هناك سؤال يطرح نفسه وهو: لماذا تبدأ بعض العبارات والجمل القرآنية بلفظة " لعل " مثل قوله تعالى لعلكم تفلحون، ولعلكم تتقون، ولعلكم ترحمون وهي كما نعلم تفيد الترديد الذي لا يليق بالله سبحانه العالم بكل شئ.
وقد صارت هذه المسألة ذريعة بأيدي بعض أعداء الإسلام الذين انطلقوا يقولون: إن الإسلام لا يعطي وعودا قطعية بالثواب، فوعوده مرددة غير مجزوم بها، لأنها تبدأ - في أغلبها - بلعل.
الجواب:
من حسن الاتفاق أن هذا النمط من التعبير يشكل جانبا من عظمة هذا الكتاب العزيز، وواقعيته في النظرة إلى الأمور وفي بيانها، ذلك لأن القرآن استخدم هذه اللفظة في كل مقام يتوقف الاستنتاج فيه على شرائط ومقدمات قد أشار إليها ولوح بها إجمالا بلفظة " لعل ".
فالسكوت عند الاستماع إلى القرآن والإنتباه والتوجه إلى ألفاظ الآيات القرآنية مثلا لا يكفي - بمجرده - لإحراز الرحمة الإلهية، بل لابد من فهم الآيات ودرك معانيها، ومقاصدها، وتطبيق توصياتها، وتعاليمها وأوامرها ونواهيها، ولهذا يعلق سبحانه شمول الرحمة بقوله: وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون (1).
وعلى هذا الأساس لو كان القرآن يقول أنكم سترحمون حتما كان بعيدا عن الواقعية، لأن لتحقق هذا الموضوع كما قلنا شرائط أخرى أيضا، فيكون التعبير الجازم تجاهلا لهذه الشرائط، ولكنه إذا قال " لعلكم " فإنه يكون قد أخذ تلك الشرائط بنظر الاعتبار وحسب لها حسابها.