الحالات الاستثنائية الطارئة.
وهذا الأمر على عكس ما يصوره الماديون من أن الصراع من أجل البقاء هو الأصل في حياة الموجودات الحية، ويزعمون أن التكامل يحصل من خلال هذا الصراع.
وقد كان هذا النوع من التفكير سببا في بروز الكثير من النزاعات الدموية والحروب في القرون الأخيرة، لكن الإنسان لا يقاس بالحيوانات الأخرى المفترسة بسبب ما يملكه من عقل وإحساس، وإن تكامله يتم في ظل التعاون وليس في ظل النزاع، ومن حيث المبدأ فإن الصراع من أجل البقاء حتى في الحيوانات لا يعتبر مبدأ مقبولا للتكامل (1).
وتشير الآية بعد ذلك مباشرة إلى أن الإنسان بسبب غريزة حب الذات التي يمتلكها تحيط به أمواج البخل، بحيث أن كل إنسان يسعى إلى نيل حقوقه دون التنازل عن أقل شئ منها، وهذا هو سبب ومنبع النزاع والصراع، تقول الآية:
وأحضرت الأنفس الشح.
ولذلك فلو أحس كل من الزوجين بأن البخل هو منبع الكثير من الخلاف وأدركوا حقيقة البخل وأنه من الصفات القبيحة، وسعوا لإصلاح ذات بينهم وأبدوا العفو والصفح، فسوف لا يؤدي هذا إلى زوال الخلاف والنزاع العائلي فحسب، بل سيؤدي أيضا إلى إنهاء الكثير من الصراعات الاجتماعية.
ولكي لا يسئ الرجال استغلال هذا الحكم الوارد في الآية، وجه الخطاب إليهم في نهايتها ودعوا إلى فعل الخير والتزام التقوى، ونبهوا إلى أن الله يراقب أعمالهم دائما فليحذروا الانحراف عن جادة الحق والصواب، تقول الآية في هذا المجال: وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا.
* * *