مشروعية أو فائدة هذه الوساطات.
هذا والملفت للنظر أن القرآن الكريم لم يقل: استغفر لهم يا رسول الله، بل قال: واستغفر لهم الرسول وهذا التعبير - لعله - إشارة إلى أن يستفيد النبي من مقامه ومكانته ويستغفر للعصاة التائبين.
إن هذا الموضوع (أي تأثير استغفار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) للمؤمنين) ورد في آيات أخرى من القرآن الكريم أيضا مثل الآية (19) من سورة محمد والآية (5) من سورة المنافقون والآية (114) من سورة التوبة التي تشير إلى استغفار إبراهيم لأبيه (عمه)، والآيات الأخرى التي تنهي عن الاستغفار للمشركين، ومفهومها جواز الاستغفار للمؤمنين، كما يستفاد من بعض الروايات إن الملائكة تستغفر لجماعة من المؤمنين المذنبين عند الله (سورة غافر الآية 77، وسورة الشورى الآية 5).
وخلاصة القول، إن هناك آيات كثيرة تكشف عن هذه الحقيقة وهي إن الأنبياء، أو الملائكة، أو المؤمنين الصادقين الطيبين بامكانهم أن يستغفروا لبعض العصاة، وإن استغفارهم مؤثر عند الله، وهذا هو أحد معاني شفاعة النبي أو الملائكة أو المؤمنين الطيبين للعصاة والخاطئين، ولكن الشفاعة كما قلنا تحتاج إلى أرضية وصلاحية وأهلية في العصاة أنفسهم.
والعجيب أنه يستفاد من بعض ما قاله جماعة من المفسرين أنهم أرادوا اعتبار استغفار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) - في الآية الحاضرة - مرتبطا بالتجاوزات الواقعة في شؤون النبي خاصة لا مطلق المعاصي والذنوب، وكأنهم أرادوا أن يقولوا: لو أن أحدا ظلم النبي أو أساء إليه وجب استحلاله واسترضاؤه ليغفر الله تلك الإساءة ويتوب على ذلك التجاوز.
ولكن من الواضح البين أن إرجاع التحاكم إلى غير النبي ليس ظلما شخصيا يهدف به شخص النبي، بل هي مخالفة لمنصبه الإلهي الخاص (أو بعبارة أخرى)