لها أبدا، لن يكون عاجزا - مطلقا - عن رفع احتياجات خلقه وعباده.
ولكي تؤكد الآية ضرورة التقوى في هذا المجال وفي أي مجال آخر، تشير الآية إلى أن اليهود والنصارى وكل من كان له كتاب سماوي قبل المسلمين قد طلب منهم جميعا كما طلب منكم مراعاة التقوى ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله....
بعد ذلك تتوجه الآية إلى مخاطبة المسلمين، فتؤكد لهم أن الإلتزام بحكم التقوى سيجلب النفع لهم، وأن ليس لله بتقواهم حاجة، كما تؤكد أنهم إذا عصوا وبغوا، فإن ذلك لا يضر الله أبدا، لأن الله هو مالك ما في السماوات وما في الأرض، فهو غير محتاج إلى أحد أبدا، ومن حقه أن يشكره عباده دائما وأبدا، وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات وما في الأرض وكان الله غنيا حميدا.
الغنى وعدم الحاجة هما من صفات الله سبحانه وتعالى - حقيقة - لأنه عز وجل غني بالذات، وارتفاع حاجات غيره وزوالها إنما يتم بعونه ومدده، وكل المخلوقات محتاجة إليه احتياجا ذاتيا، لذلك فهو يستحق - لذاته - أن يشكره عباده ومخلوقاته، كما أن كمالاته التي تجعله أهلا للشكر ليست خارجة عن ذاته، بل هي كلها في ذاته، وهو ليس كالمخلوقات التي تمتلك صفاتا كمالية عرضية خارجية مكتسبة من الغير.
وفي الآية التالية جرى التأكيد - وللمرة الثالثة - على أن كل ما في السماوات وما في الأرض هو ملك لله، وإن الله هو الحافظ والمدبر والمدير لكل الموجودات ولله ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا.
وقد يرد سؤال - هنا - عن سبب تكرار موضوع واحد لثلاث مرات وفي فواصل متقاربة جدا، وهل أن هذا التكرار من أجل التأكيد على الأمر الوارد في هذا الموضوع، أم هناك سر آخر؟
وبالإمعان في مضمون الآيات يظهر لنا أن الموضوع المتكرر ينطوي في كل