ويبتاع الجنون... ويضحي في هذا السبيل بكل طاقاته البدنية والروحية، ويتسبب في أضرار اجتماعية كثيرة وكبيرة.
ثم أننا نلاحظ أن رواية أخرى تصف كل من لا يوثق به بالسفيه، وتنهي من تسليم الأموال الخاصة والعامة إليه، فعن يونس بن يعقوب قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوله: ولا تؤتوا السفهاء أموالكم قال: " من لا تثق به (1) ".
ومن هذه الروايات يتبين أن للفظة السفيه معنى واسعا، وأن النهي يشمل تسليم الأموال الخاصة والعامة إليهم، غاية ما في الأمر أن هذا النهي يكون في بعض الموارد نهي تحريم، وفي بعض الموارد الأخرى التي لا تشتد فيها درجة السفه يكون نهي كراهة.
وهنا ينطرح سؤال وهو، إذا كانت هذه الآية في مورد أموال اليتامى فلماذا قال تعالى: أموالكم ولم يقل " أموالهم "؟
يمكن أن تكون النكتة والسر في هذا التعبير هو بيان مسألة اجتماعية واقتصادية مهمة في المقام وهي أن الإسلام يعتبر الأفراد في المجتمع بمثابة فرد واحد بحيث لا يمكن أن تنفصل مصالح فرد عن مصالح الآخرين، وهكذا تكون خسارة فرد عين خسارة الآخرين، ولهذا السبب أتى القرآن في هذا المقام بضمير المخاطب بدل ضمير الغائب إذ قال: " أموالكم " ولم يقل " أموالهم "، يعني أن هذه الأموال - في الحقيقة - ليست مرتبطة باليتامى فقط، بل هي مرتبطة بكم أيضا، فإذا لحق بها ضرر، يكون ذلك الضرر قد لحق بكم بصورة غير مباشرة أيضا، ولهذا يجب أن تحرصوا في حفظها كل الحرص.
ثم إن هناك تفسيرا آخر لهذا التعبير وهو أن المقصود من " أموالكم "، هو أموال نفس الأولياء لا أموال اليتامى، فيكون المعنى إذا أردتم مساعدة الأيتام الذين لم يرشدوا ربما أعطيتهم شيئا من أموالكم - تحت تأثير العاطفة والإشفاق