كما أنه يستفاد من عبارة بإذن الله أن كل ما عند الأنبياء من الله، أو بعبارة أخرى: إن وجوب طاعتهم ليس بالذات، بل هي - أيضا - بأمر الله ومن ناحيته.
ثم إنه سبحانه يترك باب التوبة والإنابة - عقيب تلك الآية - مفتوحا على العصاة والمذنبين، وعلى الذين يراجعون الطواغيت ويتحاكمون إليهم أو يرتكبون معصية بنحو من الأنحاء، ويقول: ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما.
والجدير بالتأمل والإنتباه إن القرآن يقول بدل: عصوا أمر الله وتحاكموا إلى الطاغوت: إذ ظلموا أنفسهم وهو إشارة إلى أن فائدة الطاعة لأمر الله وأمر الرسول تعود إليكم أنفسكم، وإن مخالفة ذلك نوع من الظلم توقعونه على أنفسكم، لأنها تحطم حياتكم المادية، وتوجب تخلفكم وانحطاطكم من الناحية المعنوية.
إن هذه الآية تجيب ضمنا على كل الذين يعتبرون التوسل برسول الله أو بالإمام نوعا من الشرك، لأن الآية تصرح بأن التوسل بالنبي والاستشفاع به إلى الله، وطلب الاستغفار منه لمغفرة المعاصي، مؤثر وموجب لقبول التوبة وشمول الرحمة الإلهية.
فلو كانت وساطة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ودعاؤه للعصاة المتوسلين به، والاستشفاع به وطلب الاستغفار منه شركا، فكيف يمكن أن يأمر القرآن العصاة والمذنبين بمثل هذا الأمر؟
نعم، غاية ما في الباب أن على العصاة والمذنبين أنفسهم أن يتوبوا هم ويرجعوا عن طريق الخطأ، ثم يستفيدوا - لقبول توبتهم - من استغفار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
ومن البديهي أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ليس من شأنه أن يغفر الذنوب، بل شأنه في المقام أن يطلب من الله المغفرة خاصة، وهذه الآية إجابة مفحمة للذين ينكرون