جهوده وثمرة أتعابه، وهذا هو حكم فطري.
وعلى هذا، فعندما يمتنع أن يتصرف الشخص في أمواله بعد وفاته ويحال بينه وبين ثروته بسبب الموت، تصبح هذه الأموال من حق أقرب الناس إليه، والذين يعتبرون - في الحقيقة - بشخصيتهم ووجودهم امتدادا لشخصيته ووجوده.
على هذا الأساس نجد الكثيرين لا يتركون الكد والعمل، والكسب والتجارة حتى آخر لحظة من حياتهم رغم ما يملكون من ثراء طائل، وذلك لبغية أن يوفروا لأبنائهم مستقبلا زاهرا ويقيموا لهم حياة سعيدة بعدهم، وهذا يعني أن الإرث وقانون التوريث قادر على إعطاء العجلة الاقتصادية دفعة قوية ويزيد من حركتها ودورانها ونشاطها، وأما إذا عرف الشخص أن أمواله بعد موته، وامتناع تصرفه في تلك الأموال بسبب الوفاة تعود إلى الملكية العامة، فإنه قد يفقد قسطا كبيرا من نشاطه الاقتصادي، ويصاب بالفتور والكسل.
ويشهد بهذا الأمر ما وقع في فرنسا قبل حين، عندما أقدم مجلس النواب الفرنسي - كما قيل - على إلغاء قانون الإرث قبل مدة وأقر بدل ذلك إلحاق أموال الأشخاص بعد موتهم إلى خزانة الدولة، وصيرورتها أموالا عامة، فتؤخذ من قبل الدولة وتصرف في المصارف العامة بحيث لا يحصل ورثة الميت على أي شئ من التركة، فكان لهذا القانون أثر سئ وظاهر على الحركة الاقتصادية، فقد لوحظ اختلال كبير في أوضاع التصدير والاستيراد، كما خف النشاط الاقتصادي هناك بشكل ملحوظ، فأقلق ذلك بال الحكومة، وكان السبب الوحيد وراء هذه الحالة هو " إلغاء قانون الإرث " مما دفع بالدولة إلى إعادة النظر في هذا القرار.
وعلى هذا لا يمكن إنكار أن قانون الإرث ومبدأ التوريث مضافا إلى كونه قانونا طبيعيا فطريا، له أثر قوي وعميق في تنشيط الحركة الاقتصادية.