النصارى.
إن تاريخ تدوين الأناجيل المتداولة يدل على أنها كتبت بعد المسيح (عليه السلام) بسنين طويلة وبأيدي بعض المسيحيين، وهذا هو دليل وجود الكثير من التناقض الصريح فيها، ويدلنا هذا - أيضا - على أن كتبة الأناجيل قد نسوا - بصورة تامة - أجزاء غير قليلة من الإنجيل الأصلي، ووجود خرافات في الأناجيل المتداولة من قبيل قصة صنع المسيح (عليه السلام) للخمرة (1) الأمر الذي يرفضه العقل ويتنافى حتى مع بعض آيات التوراة والإنجيل المتداولين، وكذلك قصة مريم المجدلية (2) وغيرها من القصص، كلها دليل على ذلك التناقض.
أما كلمة " نصارى " التي وردت في الآية فهي صيغة جمع نصراني، فقد وردت تفاسير مختلفة حولها، ومنها أن المسيح قد تربى في صباه ببلدة الناصرة، وقيل - # أيضا - أن هذه الكلمة هي نسبة إلى نصران، وهي قرية يوليها المسيحيون احتراما خاصا، ويحتمل - أيضا - أن يكون وجه التسمية ناشئا عن قول المسيح (عليه السلام) كما تحكيه الآية عنه إذ تقول: كما قال عيسى بن مريم للحواريين من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله (3) فسمي المسيحيون لذلك بالنصارى.
ولما كان جمع من النصارى يقولون ما لا يفعلون، ويزعمون أنهم من أنصار المسيح (عليه السلام) يقول القرآن في هذه الآية: ومن الذين قالوا إنا نصارى...
وهم لم يكونوا صادقين في دعواهم هذه، لذلك تستطرد الآية الكريمة فتبين نتيجة هذا الادعاء الكاذب، وهو انتشار عداء أبدي فيما بينهم حتى يوم القيامة، كما تقول الآية: فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة.