3 الجبت والطاغوت:
استعملت لفظة " الجبت " في هذه الآية من القرآن الكريم خاصة، وهو اسم جامد لا تعريف له في اللغة العربية، ويقال أنه يعني " السحر " أو " الساحر " أو " الشيطان " بلغة أهل الحبشة، ثم دخل في اللغة العربية واستعمل بهذا المعنى، أو بمعنى الصنم أو أي معبود غير الله في هذه اللغة، ويقال: أنه في الأصل " جبس " ثم أبدل " س " إلى " ت ".
وأما لفظة " الطاغوت " فقد استعملت في ثمانية موارد من القرآن الكريم، وهي - كما قلنا في المجلد الأول من هذا التفسير لدى الحديث عن الآية (256) من سورة البقرة - صيغة مبالغة (1) من مادة الطغيان، بمعنى التعدي وتجاوز الحد، ويطلق على كل شئ موجب لتجاوز الحد (ومنها الأصنام) ولهذا يسمى الشيطان، والصنم والحاكم الجبار المتكبر، وكل معبود سوى الله، وكل مسيرة تنتهي إلى غير الحق، طاغوتا.
هذا هو المعنى الكلي لهاتين اللفظتين.
أما المراد منهما في الآية المبحوثة الآن، فذهب المفسرون فيه مذاهب شتى.
فقال البعض بأنهما اسمان لصنمين سجد لهم اليهود في القصة السابقة.
وقال آخرون: الجبت هنا هو الصنم، والطاغوت هم عبدة الأصنام، أو حماتها الذين كانوا يمثلون تراجمة الأصنام الذين كانوا يتكلمون بالتكذيب عنها ليخدعوا الناس (2)، وهذا المعنى أوفق لما جاء في سبب النزول وتفسير الآية، لأن اليهود سجدوا للأصنام كما خضعوا أمام عبدتها الوثنيين أيضا.
ثم إنه سبحانه بين - في الآية الثانية - مصير أمثال هؤلاء المداهنين قائلا:
أولئك الذي لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا.