وروحهم.
والإتيان بكلمة " القيام " في هذا المكان، يحتمل أن يكون بسبب أن الإنسان حين يريد القيام بأي عمل، يجب عليه أن يقوم على رجليه بصورة عامة ويتابع ذلك العمل، وعلى هذا الأساس فإن التعبير هنا بالقيام كناية عن العزم والإرادة الراسخة والإجراء لإنجاز العمل، حتى لو كان هذا العمل من باب حكم القاضي الذي لا يحتاج إلى القيام لدى ممارسة عمله.
ويمكن أن يكون التعبير بالقيام جاء لسبب آخر، وهو أن كلمة " القائم " تطلق عادة على شئ يقف بصورة عمودية على الأرض دون أن يكون فيه انحراف إلى اليمين أو الشمال، وعلى هذا فإن المعنى المراد منه في الآية يكون تأكيدا لضرورة تحقيق العدالة دون أقل انحراف إلى أي جهة كانت.
ولتأكيد الموضوع جاءت الآية بكلمة " الشهادة " فشددت على ضرورة التخلي عن كل الملاحظات والمجاملات أثناء أداء الشهادة، وأن يكون هدف الشهادة بالحق هو كسب مرضاة الله فقط، حتى لو أصبحت النتيجة في ضرر الشاهد أو أبيه أو أمه أو أقاربه شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين....
وقد شاع هذا الأمر في كل المجتمعات، وبالأخص المجتمعات الجاهلية، حيث كانت الشهادة تقاس بمقدار الحب والكراهية ونوع القرابة بين الأشخاص والشاهد، دون أن يكون للحق والعدل أثر فيما يفعلون.
وقد نقل عن ابن عباس حديث يفيد أن المسلمين الجدد كانوا بعد وصولهم إلى المدينة يتجنبون الإدلاء بالشهادة لاعتبارات القرابة والنسب، إذا كانت الشهادة تؤدي إلى الاضرار بمصالح أقربائهم، فنزلت الآية المذكورة محذرة لمثل هؤلاء (1).