وبناء على هذه الحقيقة، فلا عجب - إذن - من وجود هذا الفاصل في القرآن بين الآيتين المذكورتين (ويجب الاعتراف بأن ترتيب الآيات القرآنية بالصورة التي هي عليها الآن قد حصل بأمر من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نفسه) فلو كانت الآيات القرآنية مرتبة بحسب زمن نزولها لأصبح الاعتراض واردا في هذا المجال.
ثانيا: هناك احتمال بأن يكون سبب حشر موضوع واقعة " غدير خم " في آية تشمل على موضوع لا صلة لها به مطلقا، مثل موضوع أحكام الحلال والحرام من اللحوم، إنما هو لصيانة الموضوع الأول من أن تصل إليه يد التحريف أو الحذف أو التغيير.
إن الأحداث التي وقعت في اللحظات الأخيرة من عمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والاعتراض الصريح الذي واجهه طلب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لكتابة وصيته، إلى حد وصفوا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لدى طلبه هذا الأمر بأنه يهجر (والعياذ بالله) وقد وردت تفاصيل هذه الوقائع في الكتب الإسلامية المعروفة، سواء عن طريق جمهور السنة أو الشيعة، وهي تدل بوضوح على الحساسية المفرطة التي كانت لدى نفر من الناس تجاه قضية الخلافة بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث لم يتركوا وسيلة إلا استخدموها لإنكار هذا الامر (1).
فلا يستبعد - والحالة هذه - أن تتخذ اجراءات وقائية لحماية الأدلة والوثائق الخاصة بالخلافة من أجل إيصالها إلى الأجيال المتعاقبة دون أن تمسها يد التحريف أو الحذف، ومن هذه الإجراءات حشر موضوع الخلافة - المهم جدا - في القرآن بين آيات الأحكام الشرعية الفرعية لإبعاد عيون وأيدي المعارضين والعابثين عنها.