الكتاب ويعفو عن كثير....
وتدل هذه الجملة القرآنية على أن أهل الكتاب كانوا قد أخفوا وكتموا الكثير من الحقائق، لكن نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم) قد أظهر من تلك الحقائق ما يفي منها بحاجة البشرية في عصر الإسلام، مثل بيان حقيقة التوحيد وطهارة الأنبياء وتنزههم عما نسب إليهم في التوراة والإنجيل المزورين، كما بين تحريم الربا، والخمرة وأمثالهما، بينما بقيت حقائق تخص الأمم السابقة والأزمنة الغابرة مما لا أثر لذكرها في تربية الأجيال الإسلامية، فلم يتم التطرق إليها.
وتشير الآية الكريمة - أيضا - إلى أهمية وعظمة القرآن المجيد وآثاره العميقة في هداية وإرشاد وتربية البشرية، فتقول: قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين النور الذي يهدي به الله كل من يبتغي كسب مرضاته إلى سبل السلام، كما تقول الآية الأخرى: يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ... وينقذهم من أنواع الظلمات (كظلمة الشرك وظلمة الجهل وظلمة التفرقة والنفاق وغيرها...) ويهديهم إلى نور التوحيد والعلم والاتحاد، حيث تقول الآية:
ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه....
وإضافة إلى ذلك كله يرشدهم إلى الطريق المستقيم الذي لا اعوجاج ولا انحراف في جانبيه العقائدي والعملي أبدا، كما تقول الآية: ويهديهم إلى صراط مستقيم.
لقد اختلف المفسرون في المعنى المراد من كلمة " النور " الواردة في الآية، فذهب البعض منهم إلى أنها تعني شخص النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقال مفسرون آخرون: إن المعنى بالنور هو القرآن المجيد.
وحين نلاحظ آيات قرآنية عديدة تشبه القرآن بالنور، يتبين لنا أن كلمة " النور " الواردة في الآية - موضوع البحث - إنما تعني القرآن، وعلى هذا الأساس فإن عطف عبارة " كتاب مبين " على كلمة (النور " يعتبر من قبيل عطف التوضيح،