3 حجية الإجماع:
يعتبر الإجماع أحد الأدلة الفقهية الأربعة، وهو بمعنى اتفاق علماء ومفكري الإسلام حول مسألة فقهية. وذكروا في علم أصول الفقه أدلة مختلفة لإثبات حجية الإجماع، ومن ضمنها الآية الأخيرة التي مر البحث في تفسيرها، إذ يعتبرها البعض دليلا على حجية الإجماع لأنها تقول أن من يختار طريقا غير طريق المؤمنين سيكون له مصير مشؤوم أسود في الدنيا والآخرة.
وبناء على هذه الآية، فإن أي طريق يختاره المؤمنون - في أي مسألة كانت - يجب على الجميع السير في هذا الطريق.
والحقيقة أن هذه الآية لا صلة لها بمسألة حجية الإجماع، لا من قريب ولا من بعيد (وطبيعي إننا نقبل حجية الإجماع الذي يكشف لنا عن قول المعصوم، ولكننا نعتبر حجية السنة وقول المعصوم دليلا لحجية هذا الإجماع، وليس الآية المذكورة).
والسبب في عدم قبولنا دلالة هذه الآية على حجية الإجماع، هو أنها تعين أولا: عقوبات للأشخاص الذين يخالفون النبي صراحة وعن علم وإدراك، ويختارون طريقا غير طريق المؤمنين، فهذان العنصران يشكلان باتحادهما العلة لذلك المصير المشؤوم، مع التأكيد بأن هذا المصير إنما يتحقق لدى اختيار الشخص للعنصرين المذكورين عن علم ودراية. وليس لهذا الموضوع أية صلة بمسألة حجية الإجماع، ولا يدل بوحده على هذه الحجية.
والأمر الثاني: هو أن المقصود بعبارة سبيل المؤمنين الواردة في الآية، هو طريق التوحيد والخضوع لله وحده، وهو مبدأ الإسلام، وليس معناه الفتاوى الفقهية أو الأحكام الفرعية، وهذه الحقيقة يثبتها ظاهر الآية بالإضافة إلى ما قيل في سبب نزولها.
والحقيقة هي أن السير في طريق غير طريق المؤمنين لا يتجاوز عن كونه