القانون احتراما للعقود والعهود، وأما المجموعة الثانية - وإن لم تكن معذورة، بل عليها أن تستجيب للحق بعد معرفته - فقد أعلنت حيادها، ولذلك فمجابهتها يتعارض مع مبادئ العدالة والمروءة.
ولكي لا يستولي الغرور على المسلمين إزاء كل هذه الانتصارات الباهرة، وكي لا يعتبروا ذلك نتيجة قدرتهم العسكرية وابتكارهم، ولا تستفز مشاعرهم تجاه هذه المجموعات المحايدة تقول الآية: ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم.
وهذا تذكير للمسلمين بعدم نسيان الله في كل انتصار، وأن يتجنبوا الغرور والعجب حيال ما لديهم من قوة، وأن لا يعتبروا العفو عن الضعفاء خسارة أو ضررا لأنفسهم.
وتكرر الآية في ختامها التأكيد بأن الله لا يسمح للمسلمين بالمساس بقوم عرضوا عليهم الصلح وتجنبوا قتالهم، وإن المسلمين مكلفون بأن يقبلوا دعوة الصلح هذه، ويصافحوا اليد التي امتدت إليهم وهي تريد الصلح والسلام فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا.
يلفت النظر أن القرآن في هذا الموضع ومواضع أخرى يذكر مقترح السلام بعبارة " إلقاء السلام " وقد يكون ذلك إشارة إلى التباعد بين الجانبين المتنازعين قبل الصلح، حتى أن أحد الجانبين يطرح اقتراحه باحتياط وعن بعد ليلقيه على الجانب الآخر.
* * *