على الاستغراق، والجملة التي وردت فيها هذه الكلمة جملة مطلقة أيضا إطلاقا تاما، لذلك فإن الآية - موضوع البحث - تعتبر دليلا على وجوب الوفاء بجميع العهود التي تعقد بين أفراد البشر بعضهم مع البعض الآخر، أو تلك العهود التي تعقد مع الله سبحانه وتعالى عقدا محكما.
وبذلك تشمل هذه الآية جميع العهود والمواثيق الإلهية والإنسانية والاتفاقيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والتجارية، وعقود الزواج، وأمثال ذلك، ولها مفهوم واسع يطوي بين جنبيه جميع جوانب حياة الإنسان العقائدية والعملية، ويشمل العهود الفطرية والتوحيدية وحتى العهود التي يعقدها الناس فيما بينهم على مختلف قضايا الحياة.
وجاء في تفسير " روح المعاني " عن " الراغب الأصفهاني " أن العقد - نظرا لطرفيه ينقسم إلى ثلاثة أنواع، فأحيانا يكون عقدا بين العبد وربه، وطورا بين الفرد ونفسه، وحينا بين الفرد ونظائره من سائر أفراد البشر (1).
وطبيعي أن لكل من هذه الأنواع الثلاثة من العقود طرفين، وغاية الأمر أن الإنسان حين يتعاقد مع نفسه يفترض هذه النفس بمثابة الشخص الثاني، أو الطرف الآخر من العقد.
وعلى أي حال، فإن مفهوم هذه الآية - لسعته - يشمل حتى تلك العقود والعهود التي يقيمها المسلمون مع غير المسلمين.
وهناك عدة أمور في هذه الآية يجب الانتباه إليها وهي:
1 - تعتبر هذه الآية من الآيات التي تستدل بها جميع كتب الفقه، في البحوث الخاصة بالحقوق الإسلامية وتستخلص منها قاعدة فقهية مهمة هي " أصالة اللزوم في العقود " أي أن كل عقد أو عهد يقام بين اثنين حول أشياء أو أعمال يكون لازم التنفيذ.