2 التفسير 3 التسليم أمام الحق:
الآية، وإن ذكر لها سبب نزولها خاص - ولكننا أسلفنا غير مرة أن أسباب النزول الخاصة لا تنافي عمومية مفهوم الآيات، ولهذا يمكن اعتبار هذه الآية تكميلا لما جاء من البحث في الآيات السابقة.
ولقد أقسم الله - في هذه الآية - بأن الأفراد لا يمكن أن يمتلكوا إيمانا واقعيا إلا إذا تحاكموا إلى النبي وقضائه، ولم يتحاكموا إلى غيره فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك في ما شجر بينهم.
ثم يقول سبحانه: يجب عليهم، أن يتحاكموا إليك فقط، ومضافا إلى ذلك ليرضوا بما تحكمه، سواءا كان في صالحهم أو في ضررهم ولا يشعروا بأي حرج في نفوسهم فضلا عن أن لا يعترضوا، وبالتالي ليسلموا تسليما.
ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما:
والانزعاج النفسي الباطني من الأحكام التي ربما تكون في ضرر الإنسان، وإن كان في الأغلب أمرا غير اختياري، إلا أنه على أثر التربية الخلقية المستمرة يمكن أن تحصل لدى الإنسان روح التسليم أمام الحق، والخضوع للعدالة، خاصة بملاحظة المكانة لواقعية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلا ينزعج من أحكام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، بل ولا من أحكام العلماء الذين يخلفونه، وعلى كل فإن المسلمين الواقعيين مكلفون دائما بتنمية روح الخضوع للحق، والتسليم أمام العدل في نفوسهم.
إن الآية الحاضرة تبين علائم الإيمان الواقعي الراسخ في ثلاث مراحل:
1 - أن يتحاكموا إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) - وحكمه النابع من الحكم الإلهي - في ما اختلفوا فيه، كبيرا كان أم صغيرا، لا إلى الطواغيت وحكام الجور والباطل.
2 - أن لا يشعروا بأي انزعاج أو حرج في نفوسهم تجاه أحكام الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وأقضيته العادلة التي هي - في الحقيقة - نفس الأوامر الإلهية، ولا