2 التفسير 3 الصلح خير:
لقد قلنا سابقا - في هامش الآيتين (34 و 35) من نفس سورة النساء - إن كلمة " نشوز " مشتقة من المصدر " نشز " بمعنى " الأرض المرتفعة " وحين تستخدم هذه العبارة في شأن الرجل والمرأة تعني ذلك " التكبر " و " الطغيان ".
وقد بينت الآيات السابقة حكم نشوز المرأة، وفي هذه الآية إشارة لنشوز الرجل فالآية تتحدث عن المرأة إذا أحست من زوجها التكبر والإعراض عنها، وتبين أن لا مانع من أن تتنازل عن بعض حقوقها، وتتصالح مع زوجها، من أجل حماية العلاقة الزوجية من التصدع، فتقول: وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا.
ولما كانت المرأة تتنازل عن بعض حقوقها طوعا وعن طيب خاطر ومن غير إكراه فلا ذنب في هذا العمل، حيث عبرت الآية عن ذلك بعبارة " فلا جناح " أي لا ذنب، للدلالة على الحقيقة المذكورة.
وعند النظر إلى سبب نزول الآية، نستخلص منها مسألتين فقهيتين:
الأولى: إن حكما مثل تقسيم أيام الأسبوع بين الزوجات، له طابع الحق أكثر من طابع الحكم، ولذلك فبإمكان المرأة التخلي عن هذا الحق بشكل تام إذا شاءت أو بصورة جزيئة.
والمسألة الثانية: إن التراضي والتصالح لا يشترط أن يكون بالمال، بل يصح أن يكون بالتنازل عن حق من الحقوق.
بعد ذلك تؤكد الآية على أن الصلح خير وأحسن، حيث تقول: والصلح خير وهذه الجملة الصغيرة مع أنها جاءت في مجال الخلافات العائلية، لكنها تبين قانونا كليا عاما شاملا، وتؤكد أن الصلح هو المبدأ الأول في كل المجالات، وأن الخلاف والنزاع والصراع والفراق ليس له وجود في الطبع والفطرة الإنسانية السليمة، ولذلك فلا تسوغ هذه الفطرة التوسل بالنزاع وما يجري مجراه إلا في