كله، ويخرج ساعة بعد ساعة فينظر إلى السماء ويتلو القرآن - ويردد هذه الآيات - فمر بي بعد هدوء الليل، فقال: يا نوف أراقد أنت أم رامق؟.
قلت: بل رامق ببصري يا أمير المؤمنين.
قال: " يا نوف طوبى للزاهدين في الدنيا الراغبين في الآخرة، أولئك الذين اتخذوا الأرض بساطا، وترابها فراشا، وماءها طيبا، والقرآن دثارا، والدعاء شعارا... " (1).
2 التفسير 3 أوضح السبل لمعرفة الله:
آيات القرآن الكريم ليست للقراءة والتلاوة فقط، بل نزلت لكي يفهم الناس مقاصدها ويدركوا معانيها، وما التلاوة والقراءة إلا مقدمة لتحقيق هذا الهدف، أي التفكر والتدبر والفهم، ولهذا جاء القرآن في الآية الأولى من الآيات الحاضرة يشير إلى عظمة خلق السماوات والأرض، ويقول: إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب (2).
وبهذا يحث الناس على التفكر في هذا الخلق البديع والعظيم، ليصيب كل واحد منهم - بقدر استعداده، وقدرته على الإستيعاب - من هذا البحر العظيم الذي لا يدرك له ساحل ولا قعر، ويرتوي من منهل أسرار الخلق العذب.
حقا أن هذا الكون العظيم بما فيه من نظام متقن وبديع، ونقوش رائعة، ولوحات خلابة كتاب بالغ العظمة، كتاب في كل حرف من حروفه، وكل سطر من أسطره دليل ساطع على وجود الله الخالق المبدع ووحدانيته، وتفرده (3).