أن الله ناظر وعالم بأعمال العباد - فهو يشهد ويرى كل من يحاول منع صاحب الحق عن حقه، أو تحريف الحق، أو الاعراض عن الحق بعد وضوحه، فتقول الآية: وإن تلووا (1) أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا.
وجملة أن تلووا تشير - في الواقع - إلى تحريف الحق وتغييره، بينما تشير جملة " تعرضوا " إلى الامتناع عن الحكم بالحق، وهذا هو ذات الشئ المنقول عن الإمام الباقر (عليه السلام) (2).
والطريف أن الآية اختتمت بكلمة خبيرا ولم تختتم بكلمة " عليما " لأن كلمة " خبير " تطلق بحسب العادة على من يكون مطلعا على جزئيات ودقائق موضوع معين، وفي هذا دلالة على أن الله يعلم حتى أدنى انحراف يقوم به الإنسان عن مسير الحق والعدل بأي عذر أو وسيلة كان، وهو يعلم كل موطن يتعمد فيه إظهار الباطل حقا، ويجازي على هذا العمل.
وتثبت الآية اهتمام الإسلام المفرط بقضية العدالة الاجتماعية، وإن مواطن التأكيد المتكررة في هذه الآية تبين مدى هذا الاهتمام الذي يوليه الإسلام لمثل هذه القضية الإنسانية الاجتماعية الحساسة، ومما يؤسف له كثيرا أن نرى الفارق الكبير بين عمل المسلمين وهذا الحكم الإسلامي السامي، وإن هذا هو سر تخلف المسلمين.
* * *