إن الجواب يتضح من مراجعة الآيات القرآنية الأخرى، وإذ لا يلزم أن يكون المراد كلما استعملت صيغة الجمع، الثلاثة فما فوق، بل استعملت أحيانا على شخصين فقط كما في الآية (78) من سورة الأنبياء وكنا لحكمهم شاهدين.
والآية ترتبط بقضاء داود وسليمان، وقد استخدم القرآن الكريم ضمير الجمع في شأنهما، فقال " لحكمهم ".
ومن هنا يتضح أنه قد تستعمل صيغة الجمع في شخصين أيضا، ولكن هذا يحتاج طبعا إلى قرينة وشاهد، والشاهد في المقام هو ورود الدليل من أئمة الدين على ذلك، وإجماع المسلمين، إذ أجمع فقهاء المسلمين سنة وشيعة (إلا ابن عباس) إن الحكم المذكور في الآية يشمل الأخوين أيضا.
3 الإرث بعد الوصية والدين:
ثم إن الله سبحانه يقول: من بعد وصية يوصي بها أو دين فلابد من تنفيذ ما أوصى به الميت من تركته، أو أداء ما عليه من دين أولا، ثم تقسيم البقية بين الورثة.
(وقد ذكرنا في باب الوصية أن لكل أحد أن يوصي بأمور في مجال الثلث الخاص به فقط، فلا يصح أن يوصي بما زاد عن ذلك إلا أن يأذن الورثة بذلك).
ثم قال سبحانه: آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا وهذه العبارة تفيد أن قانون الإرث المذكور قد أرسى على أساس متين من المصالح الواقعية، وأن تشخيص هذه المصالح بيد الله، لأن الإنسان يعجز عن تشخيص مصالحه ومفاسده جميعا، فمن الممكن أن يظن البعض أن الآباء والأمهات أكثر نفعا لهم، ولذلك فهم أولى بالإرث من الأبناء وإن عليه أن يقدمهم عليهم، ومن الممكن أن يظن آخرون العكس، ولو كان أمر الإرث وقسمته متروكا إلى الناس لذهبوا في ذلك ألف مذهب، ولآل الأمر إلى الهرج والمرج