مفردا يكون في موضع جر بإضافة (صراط) إليه. ولا يقال في موضع الرفع اللذون، لأنه اسم غير متمكن. وقد حكي اللذون شاذا كما حكي الشياطون في حال الرفع. وأما (غير المغضوب عليهم) ففي الجر فيه ثلاثة أوجه أحدها: أن يكون بدلا من الهاء والميم في عليهم، كقول الشاعر:
على حالة لو أن قي القوم حاتما * على جوده لضن بالماء حاتم فجر حاتم على البدل من الهاء في جوده وثانيها: أن يكون بدلا من الذين.
وثالثها: أن يكون صفة للذين، وإن كان أصل، غير أن يكون صفة للنكرة. تقول:
مررت برجل غيرك، كأنك قلت مررت برجل آخر، أو برجل ليس بك. قال الزجاج: وإنما جاز ذلك لأن الذين ههنا ليس بمقصود قصدهم، فهو بمنزلة قولك إني لأمر بالرجل مثلك فأكرمه. وقال علي بن عيسى الرماني: إنما جاز أن يكون نعتا للذين لأن (الذين) بصلتها ليست بالمعرفة الموقتة كالأعلام نحو: زيد وعمرو، وإنما هي كالنكرات إذا عرفت نحو الرجل والفرس. فلما كانت (الذين) كذلك، كانت صفتها كذلك أيضا. كما يقال: لا أجلس إلا إلى العالم غير الجاهل. ولو كانت بمنزلة الاعلام لما جاز كما لم يجز مررت بزيد غير الظريف بالجر على الصفة.
وقال أبو بكر السراج: والذي عندي أن غير في هذا الموضع مع ما أضيف إليه معرفة، لأن حكم كل مضاف إلى معرفة أن يكون معرفة، وإنما تنكرت غير ومثل مع إضافتهما إلى المعارف، من أجل معناهما، وذلك أنك إذا قلت: رأيت غيرك، فكل شئ ترى سوى المخاطب فهو غيره، وكذلك إذا قلت: رأيت مثلك، فما هو مثله لا يحصى. فأما إذا كان شيئا معرفة له ضد واحد، وأردت إثباته، ونفي ضده، فعلم ذلك السامع، فوصفته بغير، وأضفت غير إلى ضده، فهو معرفة، وذلك نحو قولك: عليك بالحركة غير السكون. فغير السكون معرفة، وهي الحركة، فكأنك كررت الحركة تأكيدا فكذلك قوله تعالى: (الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم) فغير المغضوب هم الذين أنعم الله عليهم. فمتى كانت (غير) بهذه الصفة فهي معرفة. وكذلك إذا عرف انسان بأنه مثلك في ضرب من الضروب، فقيل فيه:
قد جاء مثلك، كان معرفة إذا أردت المعروف بشبهك قال: ومن جعل (غير) بدلا، استغنى عن هذا الاحتجاج، لأن النكرة قد تبدل من المعرفة.
وفي نصب (غير) ثلاثة أوجه أيضا أحدها: أن يكون نصبا على الحال من