بالبعض مع الكفر بالبعض الآخر. وفي هذه الآية تسلية لنبينا عليه السلام في ترك قبول اليهود قوله، وانحيازهم عن الإيمان به، فكأنه يقول: كيف يقبلون قولك، ويسلمون لأمرك، ويؤمنون بك، وهم لا يعملون بكتابهم مع إقرارهم به، وبأنه من عند الله تعالى؟!
(أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون (86)).
اللغة: الخفة: نقيض الثقل. والتخفيف، والتسهيل، والتهوين، نظائر. واختلف في الخفة والثقل، فقيل: إنه يرجع إلى تناقض الجواهر وتزايدها. وقيل: إن الاعتماد اللازم سفلا، يسمى ثقلا، والاعتماد اللازم المختص بجهة العلو، يسمى خفة.
المعنى: أشار إلى الذين أخبر عنهم بأنهم يؤمنون ببعض الكتاب، ويكفرون ببعض، فقال: (أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا) أي: ابتاعوا رياسة الدنيا (بالآخرة) أي: رضوا بها عوضا من نعيم الآخرة التي أعدها الله تعالى للمؤمنين. جعل سبحانه تركهم حظوظهم من نعيم الآخرة بكفرهم بالله، ثمنا لما ابتاعوه به من خسيس الدنيا. ثم أخبر أنهم لاحظ لهم في نعيم الآخرة بقوله: (فلا يخفف عنهم العذاب) أي: لا ينقص من عذابهم، ولا يهون عنهم. (ولا هم ينصرون) أي: لا ينصرهم أحد في الآخرة، فيدفع عنهم بنصرته عذاب الله تعالى.
(ولقد آتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون (87)).
القراءة: قرأ ابن كثير: (القدس) بسكون الدال في جميع القرآن.
والباقون بضم القاف والدال. وروي في الشواذ عن أبي عمرو: (وآيدناه) على زنة أفعلناه، والقراءة (أيدناه) بالتشديد.
الحجة: التخفيف والتثقيل في (القدس)، وكذلك فيما كان مثله نحو: