وقوله: (قال ومن كفر فأمتعه قليلا) أي: قال الله سبحانه قد استجبت دعوتك فيمن آمن منهم، ومن كفر فأمتعه بالرزق الذي أرزقه إلى وقت مماته. وقيل: فأمتعه بالبقاء في الدنيا. وقيل: أمتعه بالأمن والرزق إلى خروج محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فيقتله إن أقام على كفره، أو يجليه عن مكة، عن الحسن. (ثم أضطره إلى عذاب النار) أي: أدفعه إلى النار، وأسوقه إليها في الآخرة. (وبئس المصير) أي: المرجع والمأوى والمال.
(وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم (127)).
اللغة: الرفع والإعلاء والاصعاد نظائر. ونقيض الرفع الوضع. ونقيض الإصعاد الإنزال. يقال: رفع يرفع رفعا، وارتفع الشئ نفسه. والمرفوع من عدو الفرس دون الحضر وفوق الموضوع. يقال: ارفع من دابتك. والرفع:
نقيض الخفض في كل شئ. والرفعة: نقيض الذلة. والقواعد والأساس والأركان نظائر. وواحد القواعد: قاعدة، وأصله في اللغة: الثبوت والاستقرار. فمن ذلك القاعدة من الجبل وهي أصله. وقاعدة البناء أساسه الذي بني عليه. وامرأة قاعدة إذا أتت عليها سنون لم تتزوج، وإذا لم تحمل المرأة أو النخلة قيل: قد قعدت فهي قاعدة، وجمعها قواعد. وتأويله أنها قد ثبتت على ترك الحمل. وإذا قعدت عن الحيض فهي قاعدة بغيرها، لأنه لا فعل لها في قعودها عن الحيض. وقعدت المرأة إذا أتت بأولاد لئام، فهي قاعدة. وقيل في أن واحدة النساء القواعد قاعد قولان أحدهما: إنها من الصفات المختصة بالمؤنث نحو: الطالق والحائض، فلم يحتج إلى علامة التأنيث والآخر: وهو الصحيح أن ذلك على معنى النسبة أي: ذات قعود، كما يقال: نابل ودارع أي: ذو نبل، وذو درع، ولا يراد بذلك تثبيت الفعل.
الاعراب: قوله (من البيت): الجار والمجرور يتعلق بيرفع، أو بمحذوف فيكون في محل النصب على الحال. وذو الحال (القواعد) وموضع الجملة من قوله: (ربنا تقبل منا) نصب بقول محذوف، كأنه قال: يقولان ربنا تقبل منا، واتصل بما قبله لأنه من تمام الحال، لأن يقولان في موضع الحال.