المشركين. وقوله (أن ينزل): في موضع نصب، لأنه مفعول (يود) ومن في قوله (من خير) زائدة مؤكدة، كقولك ما جاءني من أحد. وموضع (من خير) رفع. ومن في قوله (من ربكم) لابتداء الغاية، والتي في قوله (من أهل الكتاب) للتنويع والتبيين مثل التي في قوله (فاجتنبوا الرجس من الأوثان).
المعنى: ثم أخبر سبحانه أيضا عن اليهود، فقال: (ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم) معناه: ما يحب الكافرون من أهل الكتاب، ولا من المشركين بالله من عبدة الأوثان، أن ينزل اله عليكم شيئا من الخير الذي هو عنده. والخير الذي تمنوا أن لا ينزله الله عليهم ما أوحى إلى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، وأنزله عليه من القرآن والشرائع، بغيا منهم وحسدا.
(والله يختص برحمته من يشاء). وروي عن أمير المؤمنين عليه السلام، وعن أبي جعفر الباقر عليه السلام: إن المراد برحمته هنا النبوة، وبه قال الحسن، وأبو علي، والرماني، وغيرهم من المفسرين، قالوا: يختص بالنبوة من يشاء من عباده. (والله ذو الفضل العظيم) هذا خبر منه سبحانه، أن كل خير نال عباده في دينهم ودنياهم، فإنه من عنده، ابتداء منه إليهم، وتفضلا عليهم من غير استحقاق منهم لذلك. عليه، فهو عظيم الفضل، ذو المن والطول.
(ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير (106)).
القراءة: قرأ ابن عامر: (ما ننسخ) بضم النون وكسر السين. والباقون بفتحها. وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو: (ننسأها) بفتح النون والسين، وإثبات الهمزة. والباقون بضم النون وكسر السين، بلا همز.
الحجة: أما قراءة ابن عامر (ننسخ) فلا يخلو من أن يكون أفعل لغة في فعل، نحو بدأ وأبدأ، وحل من إحرامه، وأحل، أو تكون الهمزة للنقل نحو ضرب وأضربته، ونسخ الكتاب وأنسخته الكتاب، أو يكون المعنى في أنسخت الآية وجدتها منسوخة كقولهم أحمدت زيدا وأبخلته. والوجه الصحيح هو الأول، وهو أن يكون نسخ وأنسخ لغتين متفقتين في المعنى، وإن اختلفتا في