بأن نؤمن ببعض، ونكفر ببعض كما فعله اليهود والنصارى، فكفرت اليهود بعيسى ومحمد، وكفرت النصارى بسليمان ونبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
(ونحن له مسلمون) أي: نحن لما تقدم ذكره. وقيل: لله خاضعون بالطاعة، مذعنون بالعبودية. وقيل: منقادون لأمره ونهيه. وقد مضي هذا مستوفى فيما قبل. وفائدة الآية: الأمر بالإيمان بالله، والإقرار بالنبيين، وما انزل إليهم من الكتب والشرائع، والرد على من فرق بينهم، فيما جمعهم الله عليه من النبوة، وإن كانت شرائعهم غير لازمة لنا، فإن الإيمان بهم لا يقتضي لزوم شرائعهم. وروي عن الضحاك أنه قال: علموا أولادكم وأهاليكم وخدمكم أسماء الأنبياء الذين ذكرهم الله في كتابه، حتى يؤمنوا بهم، ويصدقوا بما جاؤوا به، فإن الله تعالى يقول (قولوا آمنا بالله) الآية.
(فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم (137)).
اللغة: الشقاق: المنازعة والمحاربة، ويحتمل أن يكون أصله مأخوذا من الشق، لأنه صار في شق غير شق صاحبه للعداوة والمباينة، ويحتمل أن يكون مأخوذا من المشقة، لأن كل واحد منهما يحرص على ما يشق على صاحبه ويؤذيه. والكفاية: بلوغ الغاية، يقال: يكفي ويجزي ويغني بمعنى واحد.
وكفى يكفي كفاية: إذا قام بالأمر. وكفاك هذا الأمر أي: حسبك. ورأيت رجلا كافيك من رجل أي: كفاك به رجلا.
الاعراب: الباء في قوله (بمثل ما آمنتم به) يحتمل ثلاثة أشياء أحدها:
أن تكون زائدة، والتقدير فإن آمنوا مثل ما آمنتم به أي: مثل إيمانكم به، كما يقال: كفى بالله أي: كفى الله. قال الشاعر: (كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا). والثاني: أن يكون المعنى بمثل هذا، ولا تكون زائدة كأنه قال: (فإن آمنوا على مثل إيمانكم) كما تقول: كتبت على مثل ما كتبت، وبمثل ما كتبت، كأنك تجعل المثل آلة توصل بها إلى العمل. وهذا أجود من الأول.
والثالث: أن تلغى مثل كما ألغيت الكاف في قوله: (فجعلهم كعصف مأكول) وهذا أضعف الوجوه، لأنه إذا أمكن حمل كلام الله على فائدة، فلا