الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وعود الرياسة إليهم. وقيل: أماني يتخرصون الكذب، ويقولون الباطل. والتمني في هذا الموضع: هو تخلق الكذب وتخرصه. ويقوي ذلك قوله:
(وإن هم إلا يظنون) فبين أنهم يختلقون ما يختلقون من الكذب، ظنا لا يقينا.
ولو كان المعنى أنهم يتلونه لما كانوا ظانين. وكذلك لو كانوا يتمنونه، لأن الذي يتلوه إذا تدبره علمه، ولا يقال للمتمني في حال وجود تمنيه: إنه يظن تمنيه، ولا أنه شاك فيما هو عالم به. واليهود الذين عاصروا النبي، لم يشكوا في أن التوراة من عند الله. وقوله: (وإن هم إلا يظنون) معناه: إنهم يشكون.
وفي هذه الآية دلالة على أن التقليد في معاني الكتاب، وفيما طريقه العلم، غير جائز وأن الاقتصار على الظن في أبواب الديانات لا يجوز، وأن الحجة بالكتاب قائمة على جميع الخلق، وإن لم يكونوا عالمين إذا تمكنوا من العلم به، وأن من الواجب أن يكون التعويل على معرفة معاني الكتاب، لا على مجرد تلاوته.
(فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون (79)).
اللغة: الويل في اللغة: كلمة يستعملها كل واقع في هلكة، وأصله العذاب والهلاك. ومثله الويح والويس. وقال الأصمعي: هو القبيح، ومنه (ولكم الويل مما تصفون). وقال المفضل: معناه الحزن. وقال قوم: هو الهوان والخزي، ومنه قول الشاعر (1):
يا زبرقان أخا بني خلف * ما أنت، ويل أبيك، والفخر وأصل الكسب: العمل الذي يجلب به نفع، أو يدفع به ضرر، وكل عامل عملا لمباشرة منه له، ومعاناة، فهو كاسب له. قال لبيد:
لمعفر قهد تنازع شلوه * غبس كواسب ما يمن طعامها (2)