وقوله " إنك أنت العليم " أي: العالم بجميع المعلومات، لأنه من صفات ذاته، وهو مبالغة العالم. وقيل: إنهم أثبتوا له ما نفوه عن أنفسهم أي: أنت العالم من غير تعليم، ونحن المعلمون. وقوله (الحكيم) يحتمل أمرين أحدهما: إنه بمعنى العالم، لأن العالم بالشئ يسمى بأنه حكيم، فعلى هذا يكون من صفات الذات، مثل العالم، ويوصف بهما فيما لم يزل، لأن ذلك واجب في العالم لنفسه.
والثاني: إن معناه المحكم لأفعاله، ويكون فعيلا بمعنى مفعل، وعلى هذا يكون من صفات الأفعال، ومعناه إن أفعاله كلها حكمة وصواب، وليس فيها تفاوت، ولا وجه من وجوه القبح. وعلى هذا فلا يوصف بذلك فيما لم يزل. وروي عن ابن عباس أنه قال: " العليم ": الذي كمل في علمه، " والحكيم ": الذي كمل في حكمته.
وفي هذه الآية دلالة على أن العلوم كلها من جهته تعالى. وإنما كان كذلك لأن العلوم لا تخلو إما أن تكون ضرورية، فهو الذي فعلها. وإما أن تكون استدلالية فهو الذي أقام الأدلة عليها، فلا علم لأحد إلا ما علمه الله تعالى.
(قال يا أدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون (33)).
القراءة: روي عن ابن عامر: أنبئهم بالهمزة وكسر الهاء. والباقون بضم الهاء.
الحجة: من ضم الهاء حملها على الأصل، لأن الأصل أن تكون هاء الضمير مضمومة، وإنما تكسر الهاء إذا وليها كسرة، أو ياء نحو بهم وعليهم.
ومع هذا فقد ضمه قوم حملا على الأصل. ومن كسر الهاء التي قبلها همزة مخففة فإن لذلك وجها من القياس، وهو أنه أتبع كسرة الهاء الكسرة التي قبلها، ولم يعتد بالحاجز الساكن كما حكي عنهم هذا المرء، ورأيت المرء، ومررت بالمرء، فأتبعوا مع هذا الفصل كما أتبعوا في اللغة الأخرى هذا امرؤ ورأيت امرأ ومررت بامرئ. وحكى أبو زيد عن بعض العرب: أخذت هذا منه ومنهما ومنهمي، فكسر المضمر في الإدراج والوقف، ولم أعرفه ولم أضربه.
اللغة: الإبداء، والإظهار، والإعلان، بمعنى واحد. وضد الإبداء الكتمان، وضد الإظهار الابطان، وضد الإعلان الإسرار. ويقال بدا يبدو بدوا