مهملين، وذلك غير جائز. وجوابه: إنه سبحانه لو ابتدأ خلقهم في الجنة، لكان يضطرهم إلى المعرفة، ويلجئهم إلى فعل الحسن وترك القبيح، ومتى راموا القبيح، منعوا منه، فلا يؤدي إلى ما قاله، وهذا كما يدخل الله الجنة الأطفال، وغير المكلفين، لا على وجه الثواب.
(فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين (36)).
القراءة: قرأ حمزة: (فأزالهما) بالألف، والباقون: (فأزلهما).
الحجة: من قرأ (أزالهما) قال: إن قوله (اسكن أنت وزوجك) معناه: إثبتا فثبتا، فأزالهما الشيطان، فقابل الثبات بالزوال الذي هو خلافه.
وحجة من قرأ (فأزلهما) أنه يحتمل تأويلين أحدهما: كسبهما الزلة، والآخر:
أزل من زل أي: عثر. ويدل على الوجه الأول ما جاء في التنزيل من قوله:
(ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين)، وقوله: (فوسوس لهما الشيطان) الآية. وقد نسب كسب الشيطان الزلة إلى الشيطان في قوله: (إنما استزلهما الشيطان) واستزل وأزل بمعنى واحد، ويدل على الوجه الثاني قوله:
(فأخرجهما مما كانا فيه) فكما أن خروج الانسان عن الموضع الذي هو فيه انتقال منه إلى غيره، كذلك عثاره وزلله.
اللغة: الزلة، والخطيئة، والمعصية، والسيئة، بمعنى واحد. وضد الخطيئة الإصابة، يقال: زلت قدمه زلا، وزل في مقالته زلة. والمزلة:
المكان الدحض. والمزلة: الزلل في الدحض. وأزللت إلى فلان نعمة أي:
أسديت. وفي الحديث: " من أزلت إليه نعمة فليشكرها ". قال كثير:
وإني، وإن صدت، لمثن، وصادق عليها بما كانت إلينا أزلت والأصل في ذلك الزوال. والزلة: زوال عن الحق. وأزله الشيطان: إذا أزاله عن الحق. والهبوط، والنزول، والوقوع، نظائر: وهو التحرك من علو إلى سفل.
ويقال: هبطته وأهبطته. والهبوط: كالحدور وهو الموضع الذي يهبطك من أعلى إلى