وقيل: آثاره عن الخليل. وروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام: إن من خطوات الشيطان الحلف بالطلاق، والنذور في المعاصي، وكل يمين بغير الله تعالى. وقال القاضي: يريد وساوس الشيطان وخواطره. وقال الماوردي: هو ما ينقلهم به من معصية إلى معصية، حتى يستوعبوا جميع المعاصي، مأخوذ من خطو القدم، في نقلها من مكان إلى مكان، حتى يبلغ مقصده.
(إنه لكم عدو مبين) أي: مظهر للعداوة بما يدعوكم إليه من خلاف الطاعة لله تعالى. واختلف الناس في المآكل والمنافع التي لا ضرر على أحد فيها، فمنهم من ذهب إلى أنها الحظر. ومنهم من ذهب إلى أنها على الإباحة. واختاره المرتضى، قدس الله روحه. ومنهم من وقف بين الأمرين، وجوز كل واحد منهما. وهذه الآية دالة على إباحة المأكل، إلا ما دل الدليل على حظره، فجاءت مؤكدة لما في العقل.
(إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون (169)).
اللغة: الأمر من الشيطان: هو دعاؤه إلى الفعل. فأما الأمر في اللغة فهو قول القائل لمن دونه إفعل، إذا كان الامر مريدا للمأمور به. وقيل: هو الدعاء إلى الفعل بصيغة إفعل. والسوء: كل فعل قبيح يزجر عنه العقل أو الشرع، ويسمى أيضا ما تنفر عنه النفس سوء. تقول: ساءني كذا يسوؤني سوءا.
وقيل: إنما سمي القبيح سوءا، لسوء عاقبته، لأنه قد يلتذ به في العاجل.
والفحشاء والفاحشة والقبيحة والسيئة نظائر، وهي مصدر نحو السراء والضراء، يقال: فحش فحشا وفحشاء، وكل من تجاوز قدره فهو فاحش. وأفحش الرجل: إذا أتى بالفحشاء، وكل ما لا يوافق الحق فهو فاحشة.
وقوله: (إلا أن يأتين بفاحشة مبينة) معناه: خروجها من بيتها بغير إذن زوجها المطلق لها. والقول: كلام له عبارة تنبئ عن الحكاية، وذلك ككلام زيد يمكن أن يأتي عمرو بعبارة عنه ينبئ عن الحكاية له، فيقول: قال زيد كذا وكذا، فيكون قوله قال زيد يؤذن بأنه يحكي بعده كلام، وليس كذلك إذا قال تكلم زيد، لأنه لا يؤذن بالحكاية والعلم ما اقتضى سكون النفس. وقيل: هو تبين الشئ على ما هو به للمدرك له.