المقدس، ثم أعيد إلى الكعبة. وقال قوم: كان يصلي بمكة إلى بيت المقدس، إلا أنه كان يجعل الكعبة بينه وبينها، ولا يصلي في غير المكان الذي يمكن هذا فيه.
وقال قوم: بل كان يصلي بمكة، وبعد قدومه المدينة إلى بيت المقدس، ولم يكن عليه أن يجعل الكعبة بينه وبينها، ثم أمره الله تعالى بالتوجه إلى الكعبة.
(ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك وما أنت بتابع قبلتهم وما بعضهم بتابع قبلة بعض ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين (145)).
الاعراب: اختلف النحويون في أن (لئن) لم أجيبت بجواب لو، فقال الأخفش: أجيبت بجواب لو لأن الماضي وليها كما يلي لو، فدخلت كل واحدة منهما على صاحبتها. قال سبحانه: (ولئن أرسلنا ريحا فرأوه مصفرا لظلوا)، فجرى (لئن) مجرى (لو). وقال: (ولو أنهم آمنوا واتقوا)، ثم قال:
(لمثوبة). فجرى مجرى لئن. وقال سيبويه وأصحابه: إن معنى لظلوا ليظلن، فمعنى لئن غير معنى لو، وكل واحدة منهما على حقيقتها، وحقيقة معنى لو أنها يمتنع بها الشئ لامتناع غيره، كقولك لو أتيتني لأكرمتك، فامتنع الإكرام لامتناع الإتيان. ومعنى إن أن يقع بها الشئ لوقوع غيره. تقول: إن تأتني أكرمك. فالاكرام يقع بوقوع الإتيان ولو لما مضى. وإن لما يستقبل، وإنما الحق في الجواب هذا التداخل لدلالة اللام على معنى القسم. فمجئ جواب القسم أغنى عن جواب الشرط، لدلالته عليه. وكذلك قوله (إنك إذا لمن الظالمين) ليس بجواب للشرط على الحقيقة، ولكنه جواب القسم. وقد أغنى عن الجزاء بدلالته عليه، وإنما يجاب الشرط بالفعل أو بالفاء أو بإذا على ما هو مشروح في مواضعه.
المعنى: (ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب) في الكلام معنى القسم أي:
والله لئن أتيت الذين أعطوا الكتاب، يعني أهل العناد من علماء اليهود والنصاري، عن الزجاج والبلخي. وقيل: المعني به جميع أهل الكتاب، عن الحسن وأبي علي (بكل آية) أي: بكل حجة ودلالة (ما تبعوا قبلتك) أي:
لا يجتمعون على اتباع قبلتك على القول الثاني، وعلى القول الأول لا يؤمن