وجل: (خذوا ما آتيناكم بقوة) أبقوة بالأبدان أم بقوة بالقلوب؟ فقال: بهما جميعا.
وقيل: أخذه بقوة: هو العمل بما فيه بعزيمة وجد. وقيل: بقدرة، وأنتم قادرون على أخذه، عن أبي علي والأصم.
(واذكروا ما فيه) يعود الضمير من (فيه) إلى (ما) من قوله: (ما آتيناكم) وهو التوراة، يعني: احفظوا ما في التوراة من الحلال والحرام، ولا تنسوه. وقيل:
معناه اذكروا ما في تركه من العقوبة، وهو المروي عن أبي عبد الله عليه السلام. وقيل:
معناه اعملوا بما فيه، ولا تتركوه. وقيل: المعنى في ذلك أن ما آتيناكم فيه من وعد ووعيد، وترغيب وترهيب، تدبروه، واعتبروا به واقبلوه. (لعلكم تتقون) أي: كي تتقوني إذا فعلتم ذلك، وتخافوا عقابي، وتنتهوا إلى طاعتي، وتنزعوا (1) عما أنتم عليه من المعصية.
(ثم توليتم بعد ذلك فلولا فضل الله عليكم ورحمته لكنتم من الخاسرين (64)).
اللغة: توليتم: أعرضتم، وهو مطاوع قولهم ولاه فلان دبره إذا استدبر عنه، وجعله خلف ظهره، ثم يستعمل ذلك في كل تارك طاعة آمر، ومعرض بوجهه عنه، فيقال: تولى فلان عن طاعة فلان، وتولى عن صداقته، ومنه قوله (فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا) أي: خالفوا ما وعدوا الله من قولهم:
(لنصدقن ولنكونن من الصالحين). والخاسر: هو الذي ذهب رأس ماله، ورأس مال الانسان نفسه، وما سواها مما يحصل له من المنافع، فهو كله ربح.
المعنى: معنى الآية ثم نبذتم العهد الذي أخذناه عليكم بعد إعطائكم المواثيق وراء ظهوركم، وأعرضتم عنه. (فلولا فضل الله عليكم) أي: فلولا أن الله تفضل عليكم بالتوبة بعد نكثكم الميثاق الذي واثقتموه إذ رفع فوقكم الطور، وأنعم عليكم بالإسلام، ورحمته التي رحمكم بها، فتجاوز منكم خطيئتكم بمراجعتكم طاعة ربكم. (لكنتم من الخاسرين). وقال أبو العالية:
فضل الله الإيمان ورحمته القرآن، فيكون معناه: لولا اقداري لكم على