ما راعني إلا جناح هابطا * على البيوت قوطه العلابطا فأعمله بالقوط كما ترى، ويكون على هبطت الشئ فهبط، فمعناه: يهبط غيره من خشية الله أي: إذا رآه الانسان خشع لطاعة خالقه، إلا أنه حذف المفعول تخفيفا، ولدلالة الكلام عليه، ونسب الفعل إلى الحجر، لأن طاعة رائيه لخالقه سببها النظر إليه أي: منها ما يهبط الناظر إليه أي: يخضعه، ويخشعه. وقوله (وما الله بغافل عما تعملون) أيها المكذبون بآياته، الجاحدون نبوة نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وقد ذكرناه قبل.
(أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون (75)).
اللغة: الطمع: تعليق النفس بما تظنه من النفع، ونظيره الأمل والرجاء.
ونقيضه اليأس. والفريق: جمع كالطائفة لا واحد له من لفظه، وهو فعيل من التفرق كما سميت الجماعة بالحزب من التحزب. قال الأعشى بن ثعلبة:
أجدوا، فلما خفت أن يتفرقوا * فريقين منهم مصعد، ومصوب والتحريف في الكلام: تغيير الكلمة عن معناها.
الاعراب: (أفتطمعون): ألف استخبار تجري في كثير من المواضع مجرى الانكار إذا لم يكن معها نفي. فإذا جاءت مع النفي فإنكار النفي تثبيت، وبكون بمعنى الاستدعاء إلى الإقرار نحو أليس الله بكاف عبده، فجوابه: بلى. كقوله: (ألم يأتكم نذير قالوا بلى) وجواب (أفتطمعون) لا على ما ذكرناه.
المعنى: هذا خطاب لأمة نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، يقول: (أفتطمعون) أيها المؤمنون (أن يؤمنوا لكم) من طريق النظر والاعتبار والانقياد للحق بالاختيار، (وقد كان فريق منهم) أي: ممن هو في مثل حالهم من أسلافهم (يسمعون كلام الله)، ويعلمون أنه حق، ويعاندون فيحرفونه ويتأولونه على غير تأويله. وقيل: إنهم علماء اليهود الذين يحرفون التوراة، فيجعلون الحلال حراما، والحرام حلالا، اتباعا لأهوائهم، وإعانة لمن يرشوهم، عن مجاهد والسدي. وقيل: إنهم السبعون رجلا