كفروا بعيسى عليه السلام، والثاني: حين كفروا بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم، عن الحسن، وعكرمة، وقتادة. ورابعها: إن ذلك على التوكيد والمبالغة إذ كان الغضب لازما لهم، فيتكرر عليهم، عن أبي مسلم، والأصم.
(وللكافرين عذاب مهين) معناه: للجاحدين بنبوة محمد عذاب مهين من الله إما في الدنيا، وإما في الآخرة. والمهين: هو الذي يذل صاحبه ويخزيه ويلبسه الهوان. وقيل: المهين الذي لا ينتقل منه إلى إعزاز وإكرام. وقد يكون غير مهين إذا كان تمحيصا وتكفيرا ينتقل بعده إلى إعزاز وتعظيم. فعلى هذا من ينتقل من عذاب النار إلى الجنة لا يكون عذابه مهينا.
(وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدقا لما معهم قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين (91)).
اللغة: ما وراءه أي: ما بعده. قال الشاعر:
تمني الأماني ليس شئ وراءها * كموعد عرقوب (1) أخاه بيثرب قال الفراء: معنى وراءه سوى، كما يقال للرجل تكلم بالكلام الحسن ما وراء هذا الكلام شئ يراد ليس عند المتكلم به شئ سوى ذلك الكلام.
الاعراب: قوله (مصدقا): نصب على الحال، وهذه حال مؤكدة. قال الزجاج: زعم سيبويه والخليل، وجميع النحويين الموثوق بعلمهم، أن قولك هو زيد قائما، خطا لأن قولك هو زيد، كناية عن اسم متقدم، فليس في الحال فائدة، لأن الحال يوجب هاهنا أنه إذا كان قائما فهو زيد، وإذا ترك القيام فليس بزيد، فهذا خطأ. فأما قولك: هو زيد معروفا، وهو الحق مصدقا، ففي الحال هنا فائدة، كأنك قلت أثبته له معروفا، وكأنه بمنزلة قولك هو زيد حقا.
فمعروف حال لأنه إنما يكون زيدا، بأنه يعرف بزيد. وكذلك القرآن هو الحق