النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لأنه أخبر بأنهم (1) لا يؤمنون، فكان كما أخبر. وتدل أيضا على أنه يجوز أن يخاطب الله تعالى بالعام، والمراد به الخاص في قول من قال الآية عامة، لأنا نعلم أن في الكفار من آمن، وانتفع بالإنذار.
سؤال: إن قال قائل: إذا علم الله تعالى بأنهم لا يؤمنون، وكانوا قادرين على الإيمان عندكم، فما أنكرتم أن يكونوا قادرين على إبطال علم الله بأنهم لا يؤمنون؟
الجواب: إنه لا يجب ذلك، كما أنه لا يجب إذا كانوا مأمورين بالإيمان أن يكونوا مأمورين بإبطال علم الله، كما لا يجب إذا كان الله تعالى قادرا على أن يقيم القيامة الساعة، أن يكون قادرا على إبطال علمه بأنه لا يقيمها الساعة. والصحيح أن نقول: إن العلم يتناول الشئ على ما هو به، ولا يجعله على ما هو به، فلا يمتنع أن يعلم حصول شئ بعينه، وإن كان غيره مقدورا.
(ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم (7)).
القراءة: القراءة الظاهرة (غشاوة) بكسر الغين ورفع الهاء. وروي عن عاصم في الشواذ (غشاوة) بالنصب. وعن الحسن: بضم الغين. وعن بعضهم: بفتح الغين. وعن بعضهم (غشوة) بغير ألف. وقرأ أبو عمرو، والكسائي: (على أبصارهم) بالإمالة. والباقون بالتفخيم. وللقراء في الإمالة مذاهب يطول شرحها.
الحجة: حجة من رفع غشاوة أنه لم يحمله على (ختم) كما في الآية الأخرى. وختم على سمعه وقلبه، وجعل على بصره غشاوة. فإذا لم يحملها عليه، قطعها عنه، فكانت مرفوعة إما بالظرف، وإما بالابتداء. وكذلك قوله (ولهم عذاب عظيم) فإن عند سيبويه ترتفع (غشاوة) و (عذاب) بأنه مبتدأ، فكأنه قال غشاوة على أبصارهم، وعذاب لهم. وعند الأخفش يرتفع بالظرف، لأن الظرف يضمر فيه فعل، وستعرف فائدة اختلافهما في هذه المسألة بعد إن شاء الله تعالى. ومن نصب (غشاوة) فإما أن يحملها على (ختم) كأنه قال: