النازلين بكل معترك، * والطيبون معاقد الأزر وقد روي النازلون والنازلين، والطيبون والطيبين. والوجه في ذلك ما ذكرناه و (العالمين) مجرور بالإضافة. والياء فيه علامة الجر، وحرف الإعراب، وعلامة الجمع. والنون هنا عوض عن الحركة في الواحد، وإنما فتحت فرقا بينها وبين نون التثنية، تقول: هذان عالمان، فتكسر نون الاثنين لالتقاء الساكنين. وقيل: إنما فتحت نون الجمع، وحقها الكسر، لثقل الكسرة بعد الواو كما فتحت (الفاء) من سوف، و (النون) من أين، ولم تكسر لثقل الكسرة بعد الواو والياء.
المعنى: معنى الآية أن الأوصاف الجميلة، والثناء الحسن، كلها لله الذي تحق له العبادة، لكونه قادرا على أصول النعم، وفاعلا لها، ولكونه منشئا للخلق، ومربيا لهم، ومصلحا لشأنهم، وفي الآية دلالة على وجوب الشكر لله على نعمه، وفيها تعليم للعباد كيف يحمدونه.
(الرحمن الرحيم (3)).
قد مضى تفسيرها. وإنما أعاد ذكر الرحمن والرحيم للمبالغة. وقال علي بن عيسى الرماني: في الأول ذكر العبودية، فوصل ذلك بشكر النعم التي بها يستحق العبادة، وهاهنا ذكر الحمد، فوصله بذكر ما به يستحق الحمد من النعم، فليس فيه تكرار.
(مالك يوم الدين (4)).
الحجة: اختلفوا في أن أي القراءتين أمدح: فمن قرأ (مالك) قال: إن هذه الصفة أمدح لأنه لا يكون مالكا للشئ إلا وهو يملكه، وقد يكون ملكا للشئ ولا يملكه، كما يقال: ملك العرب، وملك الروم، وإن كان لا يملكهم. وقد يدخل في المالك ما لا يصح دخوله في الملك، يقال: فلان مالك الدراهم، ولا يقال ملك الدراهم. فالوصف بالمالك أعم من الوصف بالملك. والله مالك كل شئ، وقد وصف نفسه بأنه مالك الملك، يؤتي الملك من يشاء، فوصفه بالمالك أبلغ في الثناء والمدح من وصفه بالملك.
ومن قرأ (الملك) قال: إن هذه الصفة أمدح، لأنه لا يكون إلا مع التعظيم