الآيات إلى آخرها. ولأنه وصفهم بأنهم لا يعلمون، فبين أنهم ليسوا من أهل الكتاب.
ومن قال المراد به النصارى،. قال: لأنه قال قبلها (وقالوا اتخذ الله ولدا) وهم الذين قالوا المسيح ابن الله. وهذا لا دلالة فيه، لأنه يجوز أن يذكر قوما، ثم يستأنف فيخبر عن قوم آخرين. على أن مشركي العرب قد أضافوا أيضا إلى الله سبحانه البنات، فدخلوا في جملة من قال (اتخذ الله ولدا) وقوله: (لولا يكلمنا الله) أي:
هلا يكلمنا معاينة فيخبرنا بأنك نبي. وقيل: معناه هلا يكلمنا بكلامه، كما كلم موسى وغيره من الأنبياء. وقوله: (أو تأتينا آية) أي: تأتينا آية موافقة لدعوتنا، كما جاءت الأنبياء آيات موافقة لدعوتهم، ولم يرد أنه لم تأتهم آية، لأنه قد جاءتهم الآيات والمعجزات.
وقوله: (كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم) قيل: هم اليهود حيث اقترحوا الآيات على موسى، عن مجاهد، لأنه حمل قوله (الذين لا يعلمون) على النصارى. وقيل: هم اليهود والنصارى جميعا، عن قتادة، والسدي. وقيل: سائر الكفار الذين كانوا قبل الاسلام، عن أبي مسلم. (تشابهت قلوبهم) أي: أشبه بعضها بعضا في الكفر، والقسوة، والاعتراض على الأنبياء من غير حجة، والتعنت والعناد، كقول اليهود لموسى: (أرنا الله جهرة)، وقول النصارى للمسيح: (أنزل علينا مائدة من السماء)، وقول العرب لنبينا صلى الله عليه وآله وسلم: حول لنا الصفا ذهبا. ولذلك قال الله سبحانه أتواصوا به. وقوله: (فد بينا الآيات) يعني الحجج والمعجزات التي يعلم بها صحة نبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم (لقوم يوقنون) أي: يستدلون بها من الوجه الذي يجب الاستدلال به، فأيقنوا لذلك، فكذلك فاستدلوا أنتم حتى توقنوا كما أيقن أولئك. والمعنى فيه: إن فيما ظهر من الآيات الباهرات الدالة على صدقه كفاية لمن ترك التعنت والعناد. فإن قيل: لم يؤتوا الآيات التي اقترحوها لتكون الحجة عليهم آكد؟ قلنا: الاعتبار في ذلك بالمصالح، ولو علم الله سبحانه أن في إظهار ما اقترحوه من الآيات مصلحة، لأظهرها، فلما لم يظهرها، علمنا أنه لم يكن في إظهارها مصلحة.
(إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا ولا تسئل عن أصحاب الجحيم (119)).
القراءة: قرأ نافع: (ولا تسأل) بفتح التاء والجزم على النهي، وروي