أخبر أخبار القرون التي مضت، * أدب كأني كلما قمت راكع وقيل: إنه مأخوذ من الخضوع. قال الشاعر:
لا تهين الفقير علك أن * تركع يوما، والدهر قد رفعه والأول أقوى، وإنما يستعمل في الخضوع مجازا، وتوسعا.
المعنى: (وأقيموا الصلاة) أي: أدوها بأركانها وحدودها وشرائطها، كما بينها النبي صلى الله عليه وآله وسلم " وآتوا الزكاة " أي: أعطوا ما فرض الله عليكم في أموالكم على ما بينه الرسول لكم. وهذا حكم جميع ما ورد في القرآن مجملا، فإن بيانه يكون موكولا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما قال سبحانه وتعالى: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) فلذلك أمرهم بالصلاة والزكاة على طريق الاجمال. وأحال في التفصيل على بيانه. وقوله (واركعوا مع الراكعين) إنما خص الركوع بالذكر، وهو من أفعال الصلاة بعد قوله (وأقيموا الصلاة) لأحد وجوه. أحدها: إن الخطاب لليهود، ولم يكن في صلاتهم ركوع، وكان الأحسن ذكر المختص دون المشترك، لأنه أبعد من اللبس وثانيها: إنه عبر بالركوع عن الصلاة. يقود القائل: فرغت من ركوعي أي: صلاتي. وإنما قيل ذلك لأن الركوع أول ما يشاهد من الأفعال التي يستدل بها على أن الانسان يصلي، فكأنه كرر ذكر الصلاة تأكيدا، عن أبي مسلم.
ويمكن أن يكون فيه فائدة تزيد على التأكيد، وهو أن قوله (أقيموا الصلاة) إنما يفيد وجوب إقامتها ويحتمل أن يكون إشارة إلى صلاتهم التي يعرفونها، وأن يكون الصلاة إشارة إلى الصلاة الشرعية. وقوله " واركعوا مع الراكعين " يكون معناه: صلوا مع هؤلاء المسلمين الراكعين، فيكون متخصصا بالصلاة المتقررة في الشرع، فلا يكون تكرارا بل يكون بيانا وثالثها: إنه حث على صلاة الجماعة، لتقدم ذكر الصلاة في أول الآية.
(أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون (44)).
اللغة: البر في اللغة والإحسان والصلة نظائر يقال: فلان بار وصول محسن. وضد البر العقوق، ورجل بر، وباز، وبرت يمينه: صدقت. وبر حجه وبر لغتان. وقولهم: فلان لا يعرف الهر من البر، قال الأخفش: معناه