أجران اثنان: أجر باتباعه موسى وإيمانه بالتوراة، وأجر باتباعه محمدا وإيمانه بالقرآن. ومن كفر به تكاملت أوزاره، وكانت النار جزاءه. فقال: أوفوا بعهدي في محمد، أوف بعهدكم أدخلكم الجنة، عن ابن عباس، فسمى ذلك عهدا، لأنه تقدم به إليهم في الكتاب السابق. وقيل: إنما جعله عهدا لتأكيده بمنزلة العهد الذي هو اليمين، كما قال سبحانه: (وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه) وثانيها: إنه العهد الذي عاهدهم عليه، حيث قال: (خذوا ما آتيناكم بقوة) أي بجد، واذكروا. ما فيه أي: ما في الكتاب عن الحسن وثالثها: إنه ما عهد إليهم في سورة المائدة، حيث قال (ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا) وقال الله: (إني معكم لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي) الآية. عن قتادة.
ورابعها: إنه أراد جميع الأوامر والنواهي وخامسها: إنه جعل تعريفه إياهم نعمه عهدا عليهم، وميثاقا، لأنه يلزمهم القيام بما يأمرهم به من شكر هذه النعم، كما يلزمهم الوفاء بالعهد والميثاق الذي يؤخذ عليهم. والأول أقوى، لأن عليه أكثر المفسرين، وبه يشهد القرآن. وقوله " وإياي فارهبون " أي: خافوني في نقض العهد. وفي هذه الآية دلالة على وجوب شكر النعمة. وفي الحديث: " التحدث بالنعم شكر ". وفيها دلالة على عظم المعصية في جحود النعم وكفرانها، ولحوق الوعيد الشديد بكتمانها، ويدل أيضا على ثبوت أفعال العباد، إذ لو لم تكن لهم أفعال لما صح العهد، والأمر والنهي، والوعد والوعيد، ولأدى إلى بطلان الرسل والكتب.
(وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم ولا تكونوا أول كافر به ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون (41)).
اللغة: قوله: أول كافر. قال الزجاج: يعني أول الكافرين، وفيه قولان: قال الأخفش: معناه: أول من كفر به، وقال غيره من البصريين معناه: أول فريق كافر به أي: بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم. وقال: وكلا القولين صواب حسن، ونظير قوله أول كافر به. قال الشاعر:
وإذا هم طعموا، فألأم طاعم، * وإذا هم جاعوا، فشر جياع والثمن، والعوض، والبدل، نظائر. وبينها فروق: فالثمن هو البدل في البيع