لم يعرض نفسه لها.
(فلا إثم عليه) أي: لا حرج عليه. وإنما ذكر هذا اللفظ ليبين أنه ليس بمباح في الأصل، وإنما رفع الحرج لأجل الضرورة. (إن الله غفور رحيم) وإنما ذكر المغفرة لأحد الأمرين: إما ليبين أنه إذا كان يغفر المعصية، فإنه لا يؤاخذ بما رخص فيه. وإما لأنه وعد بالمغفرة عند الإنابة إلى طاعة الله مما كانوا عليه من تحريم ما لم يحرمه الله من السائبة وغيرها.
(إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم (174)).
اللغة: البطن: خلاف الظهر. والبطن: الغامض من الأرض. والبطن من العرب: دون القبيلة.
الاعراب: (الذين) مع صلته، منصوب بأن. و (أولئك): رفع بالابتداء، وخبره: (ما يأكلون في بطونهم إلا النار). والمبتدأ وخبره جملة في موضع الرفع بكونها خبر إن. و (النار) نصب بيأكلون.
النزول: المعني في هذه الآية أهل الكتاب بإجماع المفسرين، إلا أنها متوجهة على قول كثير منهم إلى جماعة قليلة من اليهود، وهم علماؤهم، ككعب بن الأشرف، وحيي بن أخطب، وكعب بن أسد. وكانوا يصيبون من سفلتهم الهدايا، ويرجون كون النبي منهم. فلما بعث من غيرهم، خافوا زوال مأكلتهم فغيروا صفته، فأنزل الله هذه الآية.
المعنى: ثم عاد إلى ذكر اليهود الذين تقدم ذكرهم، فقال تعالى: (إن الذين يكتمون ما انزل الله من الكتاب) أي: صفة محمد والبشارة به، عن ابن عباس وقتادة والسدي. وقيل: كتموا الأحكام، عن الحسن. والكتاب: على القول الأول هو التوراة. وعلى الثاني: يجوز أن يحمل على القرآن، وعلى سائر الكتب. (ويشترون به ثمنا قليلا) أي: يستبدلون به عرضا قليلا. وليس المراد أنهم إذا اشتروا به ثمنا كثيرا كان جائزا، بل الفائدة فيه أن كل ما يأخذونه