كان في مسجد بني سالم قد صلى من الظهر ركعتين، فنزل عليه جبرائيل عليه السلام فأخذ بعضديه، وحوله إلى الكعبة، وأنزل عليه: (قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام) وكان صلى ركعتين إلى بيت المقدس، وركعتين إلى الكعبة، فقالت اليهود والسفهاء: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها؟
قال الزجاج: إنما أمر بالصلاة إلى بيت المقدس، لأن مكة بيت الله الحرام، كانت العرب آلفة لحجه، فأحب الله أن يمتحن القوم بغير ما ألفوه، ليظهر من يتبع الرسول ممن لا يتبعه. وقوله: (يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم) أي: يدله ويرشده إلى الدين. وإنما سماه الصراط، لأنه طريق الجنة المؤدي إليها، كما يؤدي الطريق إلى المقصد. وقيل (1): طريق الجنة.
(وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرءوف رحيم (143)).
القراءة: قرأ ابن كثير ونافع وابن عامر وحفص عن عاصم: (لرؤوف) على وزن رعوف. وقرأ أبو جعفر: (لرؤوف) مثقل غير مهموز. والباقون:
(لرؤف) على وزن رعف.
الحجة: وجه من قرأ (رؤوف) أن بناء فعول أكثر في كلامهم من فعل، ألا ترى أن باب ضروب وصبور أكثر من باب يقظ وحذر. وقد جاء على هذه الزنة من صفات الله تعالى نحو: غفور وشكور وودود. ولا نعلم فعلا فيها.
وقال كعب بن مالك الأنصاري:
نطيع نبينا، ونطيع ربا، * هو الرحمن كان بنا رؤوفا ومن قرأ (رؤوفا) قال: إن ذلك الغالب على أهل الحجاز. قال الوليد بن عقبة لمعاوية: